جرت مناورات لويزيانا العظمى عام 1941. و كانت اكبر مناورات عسكرية تجري على الاراضي الامريكية حتى تاريخه. حيث شارك فيها حوالي نصف مليون مقاتل: نصف قوام الجيش الامريكي.
"اريد ان تحصل الاخطاء في لويزيانا و ليس في اوروبا". قال الجنرال مارشال لأعضاء الكونجرس المتشكيين من فعالية فكرة المناورة. و قد كان الجنرال مارشال قد شهد بنفسه كوارث سوء اعداد الجيش الامريكي في الحرب العالمية الاولى، و مدى سوء جاهزيتهم للقتال في تلك الحرب خصوصا في قتال الجيوش. و عليه كان يجب تحضير مناورات على مستوى الجيوش كمدرسة لتدريب كبار قادة الجيش الامريكي قبل ادخالهم للحرب العالمية. و من الاهداف الاخرى لتلك المناورة فحص المعدات الجديدة و تطوير اساليب استخدامها، اتقان الدعم الناري و اللوجستي و الاهم ادخال القادة جو قيادة الجيوش تحت ضغط القتال. و كان الهدف ايضا البحث عن الكفاءات الشابة الجديدة من الجيش و ازاحة القادة ممن هم دون المستوى
جرى ترتيب سيناريو المناورة ليكون على شكل صدام بين جيشين في ولاية لويزيانا. في البداية سيقوم الجيش الثاني بقيادة بين لير Ben Lear بالهجوم على الجيش الثالث بقيادة كروجر Kruger. يسبق هذا الاشتباك الاعمال القتالية التحضيرية على مستوى الفيالق. و بدأت المعركة يوم 15 سبتمبر بهجوم من الجيش الثاني قوامه 8 فرق تشمل فرقتي مدرعات ( كل ما كان لدى الجيش الامريكي وقتها) و شمل الهجوم التقدم عبر نهر و "تدمير" الجيش الثالث المكون من 10 فرق بدون مدرعات و التقدم نحو مناطقه.
و كما كان مطلوبا، بدأت الاخطا و فروقات الاداء تظهر. حيث اساء الجنرال لير استخدام الفرق المدرعة و بدل ان يستخدم اسلوب القبضة قام باستخدام الدروع كاسناد للمشاة فقط، الامر الذي ابطأ هجومه بشكل كبير و منعه من الانفتاح الكامل على قطعات العدو لغاية اليوم الثالث من القتال. بينما كان الموقف ايجابيا تماما للجيش الثالث بقيادة كروجر الذي قام بالانفتاح بالتوقيتات المناسبة. و قام كروجر باستغلال كل اخطاء القيادة في الجيش الثاني و حاصره بشكل كامل بعد 4 ايام من القتال.
الان تمت استراحة لمدة اسبوع و بعدها قام الطرفان بعكس الادور: الجيش الثالث يهاجم و الجيش الثاني يدافع عن مدينة شريفبورت لمدة خمسة ايام. الجيش الثالث يملك افضلية عددية لكن الدفاع دائما يحتاج قوات اقل من الهجوم.
المفاجأة كانت من الطقس هذه المرة. حيث مر اعصار من الدرجة الثانية في منطقة المناورات و وصلت سرعة الرياح حوالي مئة و خمسين كيلو في الساعة. و لكن لم يؤثر الامر على سير العمليات اكثر من ساعات. حيث بدأ الجيش الثالث هجومه بثلاثة فيالق. هذه المرة لعب حذر قائد الجيش الثاني و بطئه دورا لمصلحته. حيث استوعب الهجوم على مسافة 150 كيلو و تراجع بشكل قتالي منظم مع الحرص على تدمير الجسور و عدم منح العدو فرصة فتح الجبهة. و بدأ معدل تقدم الجيش الثالث بالتراجع مع بقاء اكثر من 100 كم قبل الوصول للمدينة الهدف في اليوم الثالث للهجوم. و لكن المفاجأة الاخيرة كانت ارسال كروجر قوات المدرعات مع الجنرال باتون قائد الفرقة الثانية بمناورة احاطة عميقة حول الجيش الثاني . و قطع باتون مسافة 300 كم خلال يومين مع دروعه خلال 24 ساعة بدون توقف بما حسم التمرين لمصلحة الجيش الثالث مرة اخرى.
تميز اداء الجنرال كروجر عن الجنرال لي في مرحلتي التمرين. كان هناك ادراك للهدف الاستراتيجي، و سيطرة تامة على القوات. و كان الدفاع ايجابيا مع الحفاظ على المبادرة و الذكاء في استخدام المدرعات في مرحلة الهجوم كلها عوامل مخالفة للعقيدة الراسخة من الحرب العالمية الاولى في صفوف القوات الامريكية. و قد تعددت الدروس الميدانية المستفادة حول استخدام الدروع و القوة النارية في حروب الجيوش.
و من اهم الانجازات كان تنظيف المراتب و القيادات من الكوادر الضعيفة من اصل 42 قائد فرقة شاركت في كل المناورات تم اعفاء 31 من منصبهم! و اسماء كثيرة ستعرف في الحرب العالمية لاحقا: باتون، برادلي، الين، سمبسون، ايزنهاور سيقودون المجهود العسكري الامريكي في اوروبا.
Jean Smith, Eisenhower in war and peace