Tuesday, April 16, 2013

العرب في الحرب - الفعالية العسكرية للجيوش العربية بين عامي 1948 و 1991 - الجيش العربي اﻷردني - 2

2-1 الصدامات اﻷردنية اﻹسرائيلية بين عامي 1949 و 1966

بعد حرب فلسطين، بدأت عمان خطط تعزيز الجيش بالنوعية و العدد. و رغم سرور الملك عبدالله و القادة البريطانيون عن أداء الجيش في حرب 1948، كان هناك إدراك أن الجيش بوضعه الحالي صغير لحماية الدولة اﻷردنية الحديثة ضد المخاطر المحيطة. و في السنوات التي تلت حرب 1948، نجحت القومية العربية بإطاحة عدّة ملكيات و بالكاد فشلت في إزاحة أخرى غيرها. و كانت الجمهوريات الجديدة تكنّ القليل من المحبة للمملكة و كان من الواجب تعديل الجيش لمواجهة مثل هذه التحديات. 

هذا التوسع، على كل حال، لم يؤد إلى تكوين جيش ضخم. كان القادة البريطانيون مصرّين على عدم تقليل النوعية على حساب الكمية. و تم اﻹبقاء على نظام الخدمة الطويلة و التدريبات المستمرة مع قبول عدد أكبر من المتطوعين. و قامت عمّان بشراء المزيد من الطائرات و الدبابات لزيادة القوة النارية و قدرة الحركة. 

أظهرت الحرب السابقة أيضاً عدّة أوجه من القصور التي حاول الجيش تلافيها في السنوات التالية. و خصوصاً في مجال دعم العمليات و الصيانة التي كانت حلقات ضعيفة في عمليات الجيش. جيث كان الجيش يعتمد على بريطانيا في الخدمات المساندة و كذلك التغطية الجوية و سلاح اﻹشارة و الوحدات الهندسية. و عندما سحبت بريطانيا قوتها من فلسطين أثناء الحرب، اضطر اﻷردنيون لتدبير أمورهم بالخبرات الموجودة في عانوا من نقص الكفاءات في هذه المجالات. 

و على مختلف الجوانب، قام اﻷردنيون و البريطانيون بمحاولة علاج هذه النواقص و توسيع الجيش و تحديثه. في عام 1950 اسست عمّان مدرسة للضبّاط و تم فيها برامج للتدريب للتقنيين و مختصي العمليات اللوجستية. و عام 1951 تم تأسيس سلاح الطيران اﻷردني باستخدام عدد محدود من الطائرات البريطانية القديمة نسبياً. و كان العمل في الجيش وظيفة مرغوبة بين مختلف القطاعات في الخمسينات و الستينات بسبب المكانة العالية لها و الحوافز اﻹقتصادية. حتى اضطر بعض الراغبين لتقديم رشاوي للانضمام. و ازداد عدد الجيش من 12000 في تسع كتائب مشاة إلى 55000 جندي في تسع ألوية مشاة، و لوائين مدرعين، و خمس كتائب مستقلة للمشاة و الدبابات عام 1967.

هذه الجهود أدّت إلى مشاكل من نوعية جديدة. بداية، قام غلوب باستقطاب قطاعات مدنية من الشعب لها خبرة و ألفة باﻷلات الحديثة و هم في غالبيتهم من سكان الضفة الغربية و اللاجئين الفلسطينيين. و تعارض ذلك مع العلاقات القوية بين الهاشمين وبدو شرق اﻷردن. و كذلك كانت هناك شكوك في ولاء الفلسطينيين للعرش الهاشمي كذلك بسبب نوازع الفلسطينيين القوية لاستعادة موطنهم، اﻷمر الذي لم يكن على سلّم أولويات اﻷردن. و بالتالي تمّت مقاومة جهود غلوب في هذا المجال و تم حصر التعيينات بين الفلسطينيين في أضيق نطاق. و في النهاية تركز التعيينات من غرب النهر على الخدمات اللوجستية و الهندسة و المواصلات و الطب. و تم حصرهم في 4 ألوية مشاة غرب النهر. بينما تمركزت اﻷلوية الخمسة اﻷخرى (و معها لوائي المدرعات) في شرق النهر.أي بين الفلسطينيين و العاصمة. و تمت مراقبة الضباط الفلسطينيين باستمرار و نادرا ما تم السماح بوصولهم لرتبة قائد كتيبة، و لو حدث أن تم، فهو محصور في سلاح الخدمات المشار لها سابقاً.

المشكلة الثانية كانت في عدم ملئ شواغر الضباط (صغار الرتب) المستحدثة بسبب توسع الجيش. و كان رد عمّان هو التعاقد مع المزيد من الضباط البريطانيين و وصل عددهم إلى نصف عدد الضباط في كل الجيش. وهو إجراء رءاه الكاتب ضروريا لضمان توفر عدد كاف من الضباط لتدريب وحدات الجيش و أفراده الجدد. لكن هذا أدى لتبرم بين الضباط اﻷردنيين الذين اعتقدوا بوجوب إعطائهم اﻷولوية في الترقيات و التعيينات الجديدة.

هذه التذمرات ادّت في النهاية لإخراج البريطانيين من الجيش اﻷردني في مارس 1956. و رغم وجود خلافات بين الملك حسين و الجنرال غلوب، إلا أن سبب التعريب هو الروح القومية التي كانت سائدة في الشرق اﻷوسط و كذلك تذمرات الضباط اﻷردنيين. حيث كان يرى اﻷردنيون هذا الوجود البريطاني دليل استمرار الخضوع للامبريالية البريطانية و كذلك أن ولاء هؤلاء الضباط هو على اﻷقل مزدوج بين لندن و عمّان، كما أثبتت الحرب السابقة. و كذلك أن الضباط الأردنيين الصغار رأوا في الوجود البريطاني عائقاً أمام حصولهم على الترقيات للمناصب العليا، و بالتالي كان من مصلحتهم مغادرة غلوب و رفاقه.

هذا الخروج أدى لمشكلة جدبدة للقيادة: حيث كان عدد الضباط الوطنيين الصالحين لملئ الشواغر قليل جداً. و كان من الممكن ملئ الشواغر العليا بشكل ما. أما الفراغ الكبير في القيادات الصغرى فقد كان معضلة تم التغلب عليها بترقية العديد ممن لم يكونوا على مستوى هذه الترقيات حسب المعايير القديمة التي ذهبت مع ذهاب البريطانيين.

العمليات العسكري
إضافة لما سبق من تحديات و مشاكل، لم تنقطع المواجهات بين الأردنيين و الفلسطينيين و اﻹسرائيليين. حيث لم تنقطع اﻷسباب لكل طرف للإغارة على قرى و مواقع الطرف اﻷخر. و قد كان اﻷداء اﻹسرائيلي في البداية ضعيفاً اﻷمر الذي حذا بتل أبيب إنشاء الوحدة 101 تحت امرة الرائد شارون. و تم توسيع هذه الوحدة بضمها لكتيبة المظليات و تأسيس الكتيبة 202d. و قامت قوات شارون بتغيير المعادلة العسكرية بشكل كامل. و أدت إلى تعزيز الوجود العسكري اﻷردني على الحدود باستمرار اﻷمر الذي كان ينذر بتصعيد اﻹشتباكات دائماً. أهم هذه اﻹشتباكات حصلت عام 1956 عند قرية قلقيلية.

معركة قلقيلية:
في سبتمبر و أكتوبر 1956 قامت مجموعة من الفدائيين بعدة هجمات على الجانب اﻹسرائيلي من منطقة قلقيليا خلّفت 9  قتلى إسرائيليين. و قرّرت اسرائيل الرد باستخدام اللواء 202d. هدف العملية هو القيادة العسكرية في منطقة قلقيلية. تقع المنطقة حوالي 20كم شمال شرق تل أبيب. كانت المنطقة ضمن مسؤولية الكتيبة التاسعة مشاة، و هناك كتيبة أخرى موجودة في عزون (Azzun) على مسافة عدة أميال متى تطلب اﻷمر تدخلاً عسكرياً.

في العاشر من أكتوبر بدأ شارون عمليته، و سط محدّدات سياسية غير معهودة حتى لا تهدد العملية المفاوضات الجارية بين إسرائيل و بريطانيا و فرنسا لشن العدوان الثلاثي على مصر. كانت خطة شارون هي ارسال قوة صد على طريق عزّون - قلقيلية، و قوة أخرى تقوم بمحاصرة تلة زوفين (Zuffin) المطلة على طريق عزّون، و قوة ثالثة تقوم بإخراج القوات المدافعة عن جنوب قلقيليا، و تقوم قوة رابعة تقوم بالسيطرة على مقر القادة اﻷردني و تدميره. و لكن القيادة السياسية رفضت واجب السيطرة على تلة زوفين و الهجوم على جنوب المدينة و خشي أن تظهر هذه الواجبات العملية بحجم عسكري كبير يصعد بالمواجهة.

أدّت هذه اﻹعتبارات إلى تحويل الغارة إلى معركة صغيرة. عندما اندفعت قوات شارون شرقاً نحو قلقيلية، فتحت السرية اﻷردنية الموجودة جنوب المدينة النار عليها. و رغم عدم خروج تلك القوات من مواضعها الحصينة لعمل هجوم مضاد لمنع القوات الغازية من احتلال قيادة المنطقة، فإن نيرانها كانت دقيقة و أدّت لتأخير التقدم اﻹسرائيلي بسبب تغطية جناح القوات المهاجمة. و في تلك اﻷثناء، تحرك اﻹحتياطي المتمثل في الكتيبة التاسعة على طريق عزون - قلقيلية و وقعوا في الكمين الذي نصبته لهم القوة اﻷولي المرابطة على هذا الطريق و التي ردّتهم بخسائر كبيرة. التعزيزات اﻷردنية كانت أكبر حجما بكثير من قوة الصد، و هو مادفع القوات الإسرائيلية للتراجع على نفس الطريق و عمل كمين أخر. تجمع اﻷردنيون مرة أخرى و اندفعوا على نفس الطريق ليقعوا في الكمين الثاني. و بعد التراجع الثاني، تمت إعادة تجميع القوات و اﻹندفاع لمرة ثالثة و الوقوع في كمين اخر. و بعد الضربة الموجعة الثالثة، قرر القائد الأردني نشر جزء من قواته على شمال الطريق لمحاولة تطويق القوة اﻹسرائيلية. و من الغير الواضح انه قام بذلك كمحاولة تطويق أو لأنه يأس من رد الهجوم و أراد توزيع قواته لمنع العدو من التفكير باﻹندفاع شرقا نحو الضفة.

بغض النظر عن الغرض و راء هذه الخطوة، قلبت اﻷمور الموازين لصالح الكتيبة التاسعة. في هذه اﻷثناء كان الجهد الرئيسي للقوة اﻹسرائيلية قد أتم تدمير مقر القيادة العسكرية و بدأوا باﻹنسحاب. و كجزء من خطة اﻹنسحاب، أمرت القوة الصغيرة التي تقطع طريق عزون-قلقيلية باﻹنسحاب شمالا ( و ليس غربا) نحو مستوطنة أيال. اﻷمر الذي ادى لوقوعهم بين براثن جناح القوات اﻷردنية. فاجأ اﻷردنيون اﻹسرائيليين و ألحقوا بهم عددا لا بأس به من اﻹصابات. و عند هذه النقطة، ادرك القائد الميداني اﻷردني انه امسك بقوة اسرائيلية صغيرة مع أفضلية له فقام بتثبيت القوم اﻹسرائيلية باستخدام قوته النارية، و أرسل قوة صغيرة لاحتلال تلة زوفين و قطع طريق التراجع على اﻹسرائيليين نحو الغرب. و عندما حاول اﻹسرائيليون التراجع من الغرب وقعوا في الكمين. اضطر شارون في النهاية لطلب اﻹسناد المدفعي و إرسال قوة صغيرة من العربات المدرعة لتشق طريقها نحو الوحدة المحاصرة بعد خسارة مدرعة واحدة. و في المحصلة خسر اﻹسرائيليون 18 قتيلا و 60 جريحا و خسر اﻷردنيون بين 120 و 300 بين قتيل و جريح.

معركة السموع

استمرت الغارات عبر الحدود اﻷردنية اﻹسرائيلية طوال الخمسينات و الستينات. كانت الهجمات الفلسطينية مصدر إحباط ﻹسرائيل، و كانت الغارات اﻹسرائيلية مصدر إحراج للأردن.  عام 1964، و بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، ازدادت الهجمات الفلسطينية و ازداد الرد اﻹسرائيلي ضراوة. و في منتصف الستينات بدأ اﻷردن مصمماً على تدمير أي قوات إسرائيلية مغيرة و تم زيادة عدد القوات في الضفة الغربية لهذا الغرض.

في الثاني عشر من نوفمبر 1966، اصطدمت سيارة تحمل دورية عسكرية اسرائيلية بلغم قرب الحدود اﻷردنية و قتل في الحادث 3 جنود و جرح ستة أخرون. في مطلع فجر اليوم التالي شن اﻹسرائيليون هجوم كبيراً ضد بلدة السموع المجاورة. أرسل اﻹسرائيليون كتيبة مظليين مع سرية دبابات خفيفة (AMX13) لتدمير محطة البوليس و مراكز الحكومة و الفدائيين في البلدة.  تم إرسال جزء من القوة (سرية مظليين و فصيلة دبابات) لعمل كمين على الطريق الرئيسي من الخليل حيث يتمركز لواء المشاة 29 (حطين). عندما علم اﻷردنيون بالهجوم أرسلوا حوالي كتيبة من ذلك اللواء لضرب اﻹسرائيليين.

الهجوم اﻷردني تحول لفوضى. بدايةً، كانت التقارير القادمة من السموع مرتبكة و أدّت بأن يعتقد قائد اللواء بأن الهجوم ليس على السموع، بل على منطقة حدودية بقرب مستوطنة ياتر(Yattir). ثم كان خطأ قائد الكتيبة في استكشاف الطريق أمامه. و أدّى هذين الخطأين في وقوع كل الكتيبة (وهي على سيارات النقل) في الكمين اﻹسرائيلي على طريق الخليل. دمّر اﻹسرائيليون 15 شاحنة نقل من أصل 28 قبل أن يتراجع اﻷردنيون. و رغم هذه الضربة، فقد أعاد اﻷردنيون الهجوم على القوة بالتزامن مع ضربة جوية من سلاح الجو اﻷردني. و رغم التفوق العددي، فقد فشل اﻷردنيون في تحضير هجوم مناسب على الدبابات اﻹسرائيلية و تم الهجوم مباشرة على المواقع اﻹسرائيلية. و قد فشل الهجوم بسرعة و بصورة سيئة, و لم يكن اﻹسرائيليون مهتمين بمطاردة الكتيبة و تركوها تنسحب. و قد خسر اﻷردنيون 21 قتيلاً و 37 جريحاً مقبل قتيل واحد للاسرائيليين، و قد كان قائد الكتيبة المهاجمة، و عشرة جرحى.

في تلك اﻷثناء أرسلت إسرائيل طائرتي ميراج لاعتراض طائرات هوكر هنتر اﻷردنية اﻷربع. و يرجح الكاتب فرار إحدى الطائرات اﻷردنية فيما اشتبكت اﻹثنتان مع الطائرات الباقية. و قد تمكن طيار أردني من ملاحقة إحدى الطائرات اﻹسرائيلية قبل أن ينقلب الدور عليه و يصبح هو المطارد. و قد استمرت المطاردة لمدة 8 دقائق قبل إسقاط الطائرة اﻷردنية. و هذه هي أطول معركة بين طائرتين في تاريخ الطيران اﻹسرائيلي و هي ضعف المعدل العام لمثل هذه المواجهات. و قد أشاد اﻹسرائيليون بقدرات هذه المجموعة من الطيارين  اﻷردنيين و اعتبروهم أفضل بكثير من نظرائهم المصريين و السوريين. ملاحظة: اسم الطيار هو موفق السلطي.

الفعالية العسكرية اﻷردنية في معركتي قلقيلية و السموع

سيكون من غير الحكيم استنباط الكثير من اﻹستنتاجات من معركتين صغيرتين وقعتا على مدار 10 سنوات. و رغم ذلك، يبدو ظاهراً بروز نمط معين سوف يترسخ في حرب 1967.

قاتل اﻷردنيون ببسالة، و لكن ليس بحنكة في قلقيلية. فمن جهة كانت استجابتهم سريعة و تمكنت الوحدة المدافعة من ضرب القوات اﻹسرائيلية بنيران دقيقة أخرت الهجوم و ضايقت القوات المهاجمة. أما اقوات المساندة فقد اندفعت في عمل هجوم معادٍ، و كلها إجراءات سليمة.

و من الجهة اﻷخرى، فإن السرية المدافعة جنوب قلقيلية فشلت في عمل هجوم مضاد نحو الجناح اﻹسرائيلي المكشوف أو عمل أي مجهود للخروج من مواقعهم للاشتباك مع المهاجمين بما يمنعهم من تحقيق أهدافهم القتالية. و هذا فشل يحسب على قائد السرية في أخذ المبادرة و التفكير في رد على التحركات اﻹسرائيلية. و بشكل مشابه، فشل قائد اﻹحتياط (على اﻷرجح قائد الكتيبة) في استكشاف طريقه و بالتالي وقعوا ضحية كمين إسرائيلي. و لم يكتف بذلك، بل أعاد الكرة مرتين بدل أن يصحح الخطأ بإرسال من ستكشف العدو أمامه، دون أن يبذل جهدا في محاصرة أجناب العدو أو حتى حماية أجنابه. و اخيراً بعد الوقوع في 3 كمائن من قوة إسرائيلية صغير (50 جندي مقارنة ب 300 للجيش اﻷردني) قام بإرسال حركة تطويق، رغم عدم معرفة الدافع وراء ذلك، و تغير اتجاه العركة لمصلحة اﻷردنيين عندما وقع اﻹسرائيليون في مرمى نارهم. في هذه المرحلة أظهر القائد اﻷردني روح المبادرة عن طريق سحق القوة اﻹسرائيلية التي دخلت مواقع جناحه و أرسل جهده الرئيسي تجاهها. و أرسل قوة أخرى لصد طريق انسحابها غرباً. اﻷمر الذي اوقع خسائر ثقيلة (بالمعايير اﻹسرائيلية). انعدام روح المبادرة في القوات الموجودة جنوب قلقيلية و سوء تصرف قوات النجدة أول اﻷمر سمح للهجوم الرئيس بتحقيق هدفه و إلحاق خسائر أكبر في اﻷردنيين.

معركة السموع كانت أقصر، و لكن الجانب اﻷردني أدى بشكل أسوأ بكثير من المعركة السابقة. في هذه المعركة كان رد الفعل اﻷردني متخلفا عن مستوى اﻷحداث منذ البداية عن طريق التقارير الميدانية الخاطئة. و مثلما حدث في معركة قلقيلية، قفزت القوات على سياراتها و توجهت لمكان الهجوم دون قوات استكشاف أو حراسات متقدمة لتقع في الكمين اﻹسرائيلي. و على رغم الشجاعة التي أبداها اﻷردنيون، و درجة ممتازة من التماسك للوحدات المقاتلة في إعادة التجمع و الهجوم بعد كل ضربة قاسية، فقد أبدوا القليل من المهارة في تنفيذ هجماتهم. و حتى عند إضافة واقعة وجود دبابات خفيفة ضمن القوة المهاجمة، فإن القوة اﻷردنية المهاجمة كان لها تفوق عددي كبير (كتيبة مشاة أردنية مقابل سرية مظليين إسرائيليين و فصيلة دبابات) مما يمكنها من التغلب على القوة اﻹسرائيلية المشكلة للكمين أو إجبارهم على التراجع بعمل محاولة تطويق لموقع الكمين. و كان من المفروض أن تتمكن الوحدات اﻷردنية المضادة للدبابات من هزيمة بضع دبابات إسرائيلية بسهولة حيث كانت أسلحة الكتف كافية ضد دبابات  AMX-13 ذات الدرع الخفيف. بدل ذلك، كان الهجوم ضعيفا و غير فعّال. كان الجزء الوحيد المثير للإعجاب من الجانب اﻷردني هو اداء سلاح الطيران الذي مدحه الجانب اﻹسرائيلي.

هاتان المعركتان تقترحان انحداراً في القدرات العسكرية اﻷردنية بين 1948 (أو 1956) و 1967. مرة أخرى، هذه المعارك كانت نماذج صغيرة قد لا تصلح للقياس، لكنها تبدو منسجمة مع سياق اوسع. في قلقيلية أدى اﻷردنيون بشكل جيد، بعض عناصر العمليات كانت ممتازة، و بعضها سيئ. و نقدر أنهم ادوا بنفس مستوى عام 1948 أو أسوأ قليلاً. في السموع، كان اﻷداء سيئاً. و رغم تداخل بعض الظروف مثل استخدام اﻹسرائيليين للدبابات، و كانوا هم المبادريين و ووجهوا اﻷردنيين من موقع دفاعي. إضافة ألى أن القوة اﻷردنية المشتركة كانت صغيرة و لعلها كانت من الوحدات السيئة في الجيش أصلاً. و في الحقيقة فإن لواء حطين في حرب 1967 كان واحدا من أسوأ اﻷلوية في الجيش اﻷردني. و رغم كل ذلك، فقد كان اﻷداء في هذه المعركة أسوأ من أي عملية عسكري عام 1948، حيث لا يستطيع المرء أن يشير إلى أي وحدة من قوات غلوب تصرفت بمثل هذا اﻹهمال على مستوى العمليات العسكرية. و بالنتيجة، و رغم الظروف، فإن معركة السموع تشير إلى تراجع في مستوى عمليات الجيش اﻷردني كما سنلاحظ في حرب عام 1967.













No comments:

Post a Comment