Tuesday, December 13, 2011

خطاب السلام (مقتطف من "خطب الدكتاتور الموزونة") - محمود درويش


وأما الذين قَضوْا في سبيل الدفاع عن الذكريات
وعن وَهمهم، فلهم أجرُهُمْ، أو خطيئتُهم، عند ربهمُو..
حرام حلال
حلال حرامُ..
• • •
.. ويا أيها الشعب، يا سيّد المعجزات، ويا باني الهرمين!
أُريدك أن ترتفع
إلى مستوى العصر. صمتاً وصمتاً، لنسمع وقع خُطانا على
الأرض، ماذا دفعنا لكي نندفعْ..
ثلاث حروب - وأرض أقل
وخمسون ألف شهيد - وخبز أقل
وتأميم أفكار شعب يحب الحياة - ورقص أقل
فهل نستطيع المضي أماماً؟ وهذا الأمام حُطام
أليس السلام هو الحل؟
عاش السلامُ
• • •
.. وبعد التأمل في وضعنا الداخلي
وبعد الصلاة على خاتم الأنبياء، وبعد السلام عليّ..
وجدت المدافع أكثر من عدد الجند في دولتي
وجدت الجنود يزيدون عمّا تبقى لنا من حبوب
لهذا، سأطلب من شعبي الحرِّ أن يتكيّف فوراً
وأن يتصرف خير التصرّف مع خطتي:
سأجنح للسلم إن جنحوا للحروب
سأجنح للغرب إن جنحوا للغروب
سأجنح للسلم مهما بنوا من حصون، ومهما أقاموا
على أرضنا، ليعيش السلام.
• • •
حروب.. حروب.. حروب.. أما من قيادة
لتوقف هذا العبث!
وتوقف إنتاج مستقبل غامض من جثث!
أفي الغاب نحن لنقتل جيراننا الباحثين على أرضنا عن وسادة؟
وما الحرب، يا شعب، إلا غرائز أولى
خلاف صغير على الأرض. وما الأرض إلا رمال على الرمل هل
دمكم، أيها الناس، أرخصُ من حفنة الرمل؟
عمَّ نُفتش في الحرب، يا شعبي الحر، هل عن سيادة؟
أمعنى السيادة أن نتقوقع في ذاتنا،
ونعادي العدو المُصاب بداء التوسّع والخوف؟
فليتوسّع قليلاً، لماذا نخاف.. لماذا نخاف
فهل تستطيع الجرادة أن تأكل الفيل، أو تشرب النيل؟
في الأرض متسع للجميع، وفي الأرض متسع للسعادة..
ونحن، هنا، ثابتون..
هنا فوق خمسة آلاف عام من المجد والحب، مهما يمر الظلامُ
وعاش السلام.