Sunday, October 5, 2014

تحليل اداء الجيش المصري في حرب الخليج 1991

كانت المشاركة المصرية في حرب الخليج محدودة لكنها مهمة. فقامت الدولة بإرسال قواتها للسعودية ضمن عملية درع الصحراء لحماية المملكة من غزو عراقي محتمل. و في النهاية وافقت القاهرة على المشاركة في عاصفة الصحراء لاخراج العراقيين من الكويت. ارسلت مصر ثاني اكبر مشاركة عربية و كانت من اكبر المشاركات في الحرب بشكل عام. أرسل مصر فرقتين و لواء: 

1- الفرقة الثالثة ميكانيك
2- الفرقة الرابعة مدرعة
3- اللواء 20 صاعقة

كل هذه التشكيلات تملك معدات امريكية و تطبق اﻷسلوب اﻷمريكي و قد ارسلت بسبب اعتبارها نخبة القوات المصرية. مجموع 40000 مقاتل و  400 دبابة.

كان المصريون عماد قوة العمل المشتركة الشمالية JFC-N و كانت هذه القوة احدى التشكيلين الرئيسيية للقوات العربية في عاصفة الصحراء (القوة الثانية كانت القوة المشتركة الشرقية و تضم السعودية و قطر و الكويت و عملت على الساحل). اضافة للقوة المصرية، ضمت JFC-N لواءان سعوديان مدرعان و لواءان كويتيان و فرقة سورية مدرعة و لواء صاعقة سوري. و قد اعتبر المصريون التشكيل الرئيسي بسبب حجم قواتهم و ﻷن المخطط اﻷمريكي توقع ان تكون القوات المصرية اﻷكثر قدرة و اعتمادية:
1- القوات السورية بقي هناك شك في اشتراكها حتى اللحظة اﻷخيرة، و بسبب كون معداتها الروسية مماثلة للعراقية تم ابقائها في الخلف كاحتياطي استراتيجي لتجنب مشكلة النيران الصديقة.
2- لم يتم اعتبار القوات الكويتية و السعودية ذات قدرات قتالية جدية من قبل ضباط الاتصال الامريكان الملحقين في تلك القوات.

و عليه كانت الخطة أن تتقدم الفرقة الثالثة ميكانيك المصرية و ان تعزز الفرقة الرابعة المدرعة الهجوم لو حصل اختراق و ان يكون للكويتيين و السعوديين دعم الجانب اﻷيمن للمصريين و بقاء السوريين كاحتياط.

و رغم ان اﻷمريكيين ابدوا ثقة في المصريين و قدراتهم اكثر من القوات العربية اﻷخرى، فهذا الكلام كان نسبيا فقط. فقد وضع اﻷمريكان الفرقة المدرعة اﻷمريكية اﻷولى خلف المصريين لتكون جاهزة للتدخل لو حصلت مشاكل للقوات العربية.

حددت القيادة المركزية القاطع بين الفيلق اﻷول لمشاة المارينز و الفيلق السابع لقوات JFC-N. و كانت مهمتها دخول الكويت من الغرب و التوغل خلف العراقيين لقطع انسحابهم عن طريق السيطرة على طريق البصرة - الجهراء الذي يجب على القوات العراقية جنوب الكويت المرور منه لو ارادت الانسحاب. و كان هناك هدف اخر هو حماية اجناب فيلقي المارينز و الجيش اﻷمريكي في اثناء تقدمهم بحيث لا تستطيع الدبابات العراقية الموجودة وسط الكويت عمل هجوم مضاد. وهو سبب اخر لوضع الفرقة اﻷولى مدرعة اﻷمريكية لمنع العراقيين من تحقيق مثل هذا العجوم المعاكس حتى لو تم هزيمة JFC-N.

كانت ساعة الصفر ل JFC-N مقررة بأول ضوء لليوم الثاني للهجوم البري (25 فبراير 1991). و لكن الهجوم الرئيسي لمشاة البحرية على الكويت من الجنوب سار بشكل ممتاز لدرجة ان القيادة المركزية قررت تفديم موعد هجوم الفيلق الامريكي السابع و هجوم JFC-N. و من ضمن كل الوحدات التي اعلمت بالخبر، كانت الوحدات المصرية هي الوحيدة التي رفضت الاستجابة. و قد حاول الجنرال شوارتزكوف بالاقناع و المسايرة و التهديد ان يقنع المصرييين بالتحرك قبل الموعد المحدد لكنهم رفضوا. و في النهاية اضطر شوارتزكوف ان يتصل بالقاهرة ليطلبوا من قواتهم التحرك! و حتى بعد ذلك، لم يستطع المصريون الهجوم قبل الساعة الثالثة عصرا. و بشكل متأخر كثيرا عن الطلب اﻷصلي.


و عندما تحرك المصريون اخيرا، كان سير عملياتهم سيئا. و تحركوا امام مقاومة عراقية شبة معدومة ببطء شديد. و قد هاجم المصريون قطاعات الفرقة 20 و 30 مشاة للجيش العراقي، و كانت كلتا الفرقتان منهكتان من القصف الجوي المستمر لست اسابيع. و بالاضافة لذلك فقد دمرت طائرات A-10 الكثير من معدات الفرقتين (المدفعية والدروع). و قد علق الجنرال CalvenWaller مسؤول مسرح العمليات بالقول" ان ما واجهته القوات المصرية تستطيع (فاتاتان - استخدم لفظا اكثر سوقية) مريضتان التعامل معه". و كانت مهمة المصريين في اليوم اﻷول اختراق الدفاع العراقي و احتلال ثكنة اﻷبرق حوالي 35 كم داخل الكويت. و لكن عندما وصل المصريون الخندق العراقي المملوء بالنفط اشعله العراقيون. و توقف المصريون! و على ما يبدو، لم يخطر على بال المصريين كيفية اختراق حاجز ناري من قبل،و بدل ان يفكروا في حل، جلس المصريون بنتظرون النار ان تنطفئ، و هو ما استغرق 10 ساعات. و في نهاية اليوم لم يعبر المصريون الخط الدفاعي ناهيك عن مواجهة القوات العراقية حسب الخطة.

في اليوم الثاني، هربت القوات العراقية من تشكيلاتها، و تسارع الهروب عندما صدر الامر للعراقيين بالانسحاب العام من الكويت مساء ذلك اليوم. انطلق المصريون بهجومهم في الساعة السابعة صباحا بقيادة فرقة المشاة الثالثة. بسبب تفكك القوات العراقية، لم يواجه المصريون اي مقاومة تذكر في اختراق الدفاعات العراقية. و قد اطلقت المدفعية كمية كبيرة من الذخائر للتمهيد للتقدم، و لكن هذا القصف كان محدود التأثير بسبب اصرار لمصريين على قصف مواقع اعتبرتها الاستخبارات اﻷمريكية فارغة و متروكة. و لكن بسبب وجود هذه المواقع في الخطة الموجودة للمدفعية، اصر قائد المدفعية على القصف! و بعد بدء التقدم، واجهت الفرقة الثالثة مقاومة متفرقة من بعض البطاريات العراقية. و قد صرح ضابط اتصال امريكي "لم تكن المدفعية العراقية في اي وقت تشكل خطرا على العملية" توقف المصريون مجددا. و قد طلبوا دعما جوا، و لم يسمح الجو السيء بتنفيذ ذلك. و عندما اقترح المستشار اﻷمريكي ان يتم اسكت المدفعية بقصف مضاد رفض المصريون: فقد تعدت المدفعية الصرف المسموح للعملية! و قررالمصريون ببساطة التوقف و الانتظار حتى يوقف العراقيون قصفهم. و هو ما حصل الساعة 10:00 صباحا.

عندما عاود المصريون هجومهم مرة اخرى، كانت القوات العراقية الباقية على الخط الأمامي قد هربت معظمها او استسلمت. و رغم ذلك، تابع المصريون ببطء مؤلم اختراقهم للخط العراقي الفارغ تقريبا. و في الساعة 1:00 ظهرا لم يكونوا قد اكملوا عملية اختراق الخط مما سبب توترا شديدا للقيادة المركزية التي ارادت من المصريين التقدم بكل اسرع لقطع انسحاب العراقيين من جنوب الكويت. و قد ذكر صحفي عربي مرافق للقوات المصرية انهم واجهوا بضع دبابات عراقية من اي نوع خلال اول يومين من الحرب البرية. و لم يحاول المصريون تسريع هجومهم للحاق بالعراقيين المنسحبين. و في النهاية شعرت القيادة المركزية بالقلق من تباطؤ المصريين مقارنة بالهجوم على يمينهم و يسارهم اﻷمر الذي قد يكشف اﻷجناب و تم سحب قوات من المارينز من الهجوم الأساسي لتغطية الثغرة.

و في صباح اليوم الثالث من الحرب البرية، كان المصريون ما يزالوا لم يصلوا لثكنات اﻷبراق (هدف اليوم اﻷول). و قررت القيادة المركزية توجيه المصريين للتوجة مباشرة لطريق الجهراء و ترك الثكنة فورا. و مرة اخرى، رفض المصريون تغير الخطة اﻷصلية. و بعد تأكيد اﻷوامر مرة اخرى ارسل المصريون جزءا  من قواتهم نحو الجهراء و لكنها كانت تتقدم بشكل بطيء لدرجة ان القيادة المركزية ارتأت سحب المهمة و توكيلها للواء اﻷول مدرع و اللواء الثاني مشاة ميكانيك للجيش اﻷمريكي. و في تلك اﻷثناء قررت القيادة لن تدخل القوات المشتركة (القوات الشرقية التي كانت تجلس جنوب الكويت و القوات الشمالية) مدينة الكويت لاظهار التضامن العربي. و في يوم 26 (ثاني يوم للعملية البرية - و كان العراقيون قد انسحبوا ) كانت القوات المصرية لا تزال بعيدة عن العاصمة و بدل انتظار المصرين تم طلب ارسال وحدات صغيرة لدخول الكويت العاصمة مع الكويتيين و السعودين و القطريين. و مرة اخرى رفض القائد المصري هذا اﻷمر و اضطر شوارتزكوف ان يتصل بمبارك شخصيا ليصدر الأوامر للقوات المصرية. و في نهاية الحرب كانت خسائر المصريين 100 بين قتيل وجريح و لم يكن هناك الكثير من الانجازات على اﻷرض.










Saturday, July 19, 2014

Soccernomics

Any mathematician would say it's absurd to expect England to win the World Cup.

"England wins two-thirds of its matches. To be precise, from 1970 to 2007 England played 411, won 217, tied 120, and lost 74. If we treat a tie as half a win, this translates into a winning percentage of 67.4 percent. If we then break this into seven equal periods of just under four years each, England's winning percentage has never fallen below 62 percent of risen above 70 percent. In other words, the team's performance is very constant." P:12

"If you had to locate the middle-class European dream anywhere, it would be in Lyon. It's a town the size of Oakland, about two-thirds of the way down France, nestled between rivers just west of the Alps. On a warm January afternoon, drinking coffee outside i the 18th century Place Bellecour where the buildings are as pretty as the women, you think: nice. Here's a wealthy town where you can have a good job, nice weather, and a big house near the mountains.

Lyon also has some of the best restaurants in Europe, known locally as bouchons, or "corks". Even at the town's soccer stadium you can have a wonderful three-course pregame meal consisting largely of intestines or head cheese, unless you prefer to eat at local boy Paul Bocuse's brasserie across the road and totter into the grounds just before kickoff. And then you can watch some of the best soccer in Europe, too.

Until about 2000 Lyon was known as the birthplace of cinema and nouvelle cuisine, but not as a soccer town. It was just too bourgeois. If for some reason you wanted soccer, you drove thirty-five miles down the highway to gritty proletarian Saint-Etienne. In 1987, Olympique Lyon, or "OL", or "les Gones" (the Kids), was playing in France's second division on an annual budget of about $3 million. It was any old backwater provincial club in Europe. Today it rules French soccer, and proclaims that is is only a matter of time before it wins the Champions League. Its ascent is in large part a story of the international transfer market. Better than any other club in Europe today, Lyon has worked out how to play the market.

In 1987 Jean-Michel Aulas, a local software entrepreneur with the stark, grooved features of a Roman emperor, became club president. Aulas had played fairly good handball as a young man and had a season ticket at OL.

"I didn't know the world of soccer well," he admits over a bottle of "OL" mineral water in his office beside the stadium (which he aims to tear down and replace with a bigger one). Had he expected the transformation that he [b]rought? "No."

Aulas set out to improve the club step by step. "We tried to abstract the factor 'time,'" he explains. "Each year we fix as an aim to have sporting progress, and progress of our financial resources. It's like a cyclist riding: you can overtake the people in front of you." Others in France prefer to liken Aulas to "un bulldozer."

In 1987 even the local Lyonnias didn't care much about les Gones. You could live in Lyon without knowing that soccer existed. The club barely had a personality, whereas Saint-Etienne were the "miners' club" that had suffered tragic defeats on great European nights in the 1970s. Saint-Etienne's president at the time said that when it came to soccer, Lyon was a suburb of Saint-Etienne, a remark that still rankles. At one derby after Lyon's domination began, les Gones' fans unfurled a banner that told the Saint-Etienne supporters: "We invented cinema when your fathers were dying in the mines."

Aulas appointed local boy Raymond Domenech as his first coach. In Domnech's first season, OL finished top of the second division without losing a game. Right after that it qualified for Europe. Aulas says, "At a stroke the credibility was total. The project was en route."

It turned out that the second city in France, even if it was a bit bourgeois, was just hungry enough for a decent soccer club. The Lyonnais were willing to buy match tickets if things went well, but if things went badly, they weren't immediately waving white handkerchiefs in the stands and demanding that the president or manager or half the team be gotten rid of. Not did the French press track the club's doings hour by hour. It's much easier to build for the long term in a place like that in a "soccer city" like Marseille or Newcastle. Moreover, players were happy to move to a town that is hardly a hardship posting. Almost nothing they get into in Lyon makes it into the gossip press. Another of Lyon's advantages: the locals have money. "It allowed us to have not just a 'popular clientele,' but also a 'business clientele,'" says Aulas.

Talking about money is something of a taboo in France. It is considered a grubby and private topic. Socially, you're never supposed to ask anyone a question that might reveal how much somebody has. Soccer, to most French fans, is not supposed to be about money. They find the notion of a well-run soccer club humorless, practically american.

It therefore irritates them that Aulas talks about it so unabashedly. He might have invented the word moneyball. Aulas's theme is that over time, the more money a club makes, the more matches it will win, and the more matches it wins, the more money it will make. In the short term you can lose a match, but in the long term there is a rationality even to soccer. (And to baseball. As Moneyball describes it, Beane believes that winning "is simply a matter of figuring out the odds, and exploiting the laws of probability.... To get worked up over plays, or even games, is as unproductive as a casino a manager worrying over the outcomes of individual pulls of the slot machines.")

Aulas thinks that rationality in soccer works more or less works more or less like this: If you buy good players for less than they are worth, you will win more games. You will then have more money to buy better players for less than they are worth. The better players will win you more matches, and that will attract more fans (and thus more money), because Aulas spotted early that most soccer fans everywhere are much more like shoppers than religious believers: if they can get a better experience somewhere new, they will go there. He told us, "We sold 110,000 replica shirts last season. This season we are already at 200,000. I think Olympique Lyon has become by far the most beloved club in France."

Polls suggest he is right: in Sport+Market's survey of European supporters in 2008, Lyon emerged as the country's most popular club just ahead of Olympique Marseille. This popularity was a new phenomenon. In 2002, when Lyon first became champion of France, the overriding French emotion toward the club had still been: "Whatever." The editor of France Football magazine complained around that time that when Lyon won the title, the magazine didn't sell. But from 2002 to 2008 the club won the title every year - the longest period of domination of any club in any of Europe's five biggest national leagues ever and many French fans began to care about it.

With more fans, Lyon makes more money. On match days now you can get a haircut at an official OL salon, drink an OL Beaujolias at an OL cafe, book your holiday at an OL travel agency, and take an OL taxi to the game - and many people do. Lyon uses that money to buy better players.

The club now survives the winter in the Champions League almost every season, which makes Lyon one of the sixteen best clubs in Europe. Aulas says it is only a matter of time before it wins the Champions League. "We know it will happen; we don't know when it will happen". It's a necessary step to achieve growth in merchandising."

The cup with the big ears would cap perhaps the most remarkable rise in soccer in history, And for all Aulas's "OL mineral water," what made it possible was the transfer market. On that warm winter's afternoon in Lyon, Aulas told us, "We will invest better than Chelsea, Arsenal, or Real Madrid. We will make different strategic choices. For instance, we won't try to have the best team on paper in terms of brand. We will have the best team relative to our investment." Here are Lyon's rules of the transfer market:

Use the wisdom of crowds. When Lyon is thinking of signing a player, a group of men sits down to debate the transfer. Aulas is there, and so is Bernard Lacombe, once a bull-like center forward for Lyon and France, and for most of the past twenty years the club's "technical director." Lacombe is known for having the best pair of eyes in French soccer. He coached Lyon from 1996 to 2000, but Aulas clearly figured out that if you have someone with his knack for spotting the right transfer, you want to keep him at the club forever rather than make his job contingent on four lost matches. The same went for Peter Taylor at Forest.

Whoever happens to be Lyon's head coach at the moment sits in on the meeting too, and so will for or five other coaches. "We have a group that gives its advice," Aulas explains. "In England the manager often does it alone. In France it's often the technical director."

Like Lyon, the Oakland A's sidelined their manager, too. Like Lyon, the A's understood that he was merely "a middle manager" obsessed with the very short term. The A's let him watch baseball's annual draft. They didn't let him say a word about it.

Lyon's method for choosing players is so obvious and smart that it's surprising all clubs don't use it. The theory of the "wisdom of crowds" says that if you aggregate many different opinions from a diverse group of people, you are much more likely to arrive at the best opinion than if you just listen to one specialist. For instance, if you ask a diverse crowd to guess the weight of an ox, the average of their guesses will be very nearly right. If you ask a diverse set of gamblers to be bet on, say, the outcome of presidential election, the average of their bets is likely to be right, too.

Clough and Taylor at least were a crowd of two. However, the typical decision-making model in English soccer is not "wisdom of crowds," but short-term dictatorship. At most clubs the manager is treated as a sort of divinely inspired monarch who gets to decide every thing until he is sacked. Then the next manager clears out his predecessor's signing at a discount. Lyon, notes a rival French club president with envy, never has expensive signing rotting on the bench. It never has revolutions at all. It understands that the coach is only a "temp". OL won its seven consecutive titles with four different couches. P:69

"A big secret is of a successful club is stability, " explains Hembert over coffee in Paris. "In Lyon, the stability is not with the coach, but with the sports director, Lacombe." P:69

Another Lyon rule: the best time to buy a player is when he is in his early twenties. Aulas says, "We buy young players with potential who are considered the best in their country, between twenty and twenty-two years old." It's almost as if he had read Moneyball. P:69

Only a handful of world-class players in each generation, most of them creators - Pele, Maradona, Wayne Rooney - reach the top before they are eighteen. Most players get there considerably later. You can be confident of their potential only when they are more mature.

Lyon always tries to avoid playing a premium for a star player's "name". Here, again, it is lucky to be a club from a quite town. Its placid supporters and local media don't demand stars. P:70

Happy is the club that has no need for heroes. Lyon was free to buy young unknowns like Michael Essien or Mahamadou Diarra just because they were good. And unknowns accept modest salaries. According to the French sports newspaper L'Equipe, in the 2007-2008 season Lyon spent only 31 percent of its budget on players pay. The average in the English Premiere League was about double that. P:71

Here are few more Lyon secrets: First, try not to buy center forwards. Center forwards are the most overpriced position in the transfer market. Second, help your foreign signings relocate. .... "They don't select players just for their quality but for their ability to adapt. I can't see Lyon recruiting an Anelka or a Ronaldinho." Says a former president of a rival French club. Finally, sell any player if another club offers more than he is worth... Like Clough and Taylor, and like Billy Beane, Lyon never gets sentimental about players. In the club's annual accounts, it books each player for a certain transfer value. P:72

Lyon knows that sooner of later its best players will attract somebody else's attention. Because the club expects to sell them, it replaces them even before they go. This avoids a transition period or a panic purchase after the player's departure. Aulas explains, "We will replace the player in the squad six months or a year before. So when Michael Essien goes [to Chelsea for $43 million], we already have a certain number of players who are ready to replace him. Then, when the opportunity to buy Tiago arises, for 25 percent of the price of Essien, you take him." P:72

AS a free service to clubs, here are the twelve main secrets of the transfer market in full:

A new manager wastes money on transfers, don't let him.
Use the wisdom of the crowds.
Stars of recent World Cups or European championships are overvalued; ignore them.
Certain nationalities are over valued.
Older players are overvalued.
Center forwards are overvalued, goalkeepers are undervalued.
Gentlemen prefer blonds: identify and abandon "sight based prejudices."
The best time to buy a player is when he is in his early twenties.
Sell any other player when another club offers more than he is worth.
Replace the best players even before you sell them.
Buy players with personal problems. and then help them deal with their problems.
Help your players relocate. P:73



" A team of economists, led by Holger Preuss from the University of Mainz, decided to work out how much "new" money visitors to the World Cup actually spent. In the old days, when boosters estimated economic bonanzas, they simply multiplied the number of seats in stadiums by some imaginary spending number (counting meals, hotels, and transportation as well as tickets) to produce an enormous hypothetical sum.

The problem with this method, as serious economists pointed out, is that not every visitor to an event really injects extra spending into the economy. Preuss's team surveyed a large sample of visitors to the World Cup and found that only about one-fifth were foreigners who had traveled to Germany specifically for the soccer. More than half the "visitors" were in fact Germans. For the most part these Germans would have been in Germany anyway, and had there been no World Cup they would presumably have spent their  money on other forms of entertainment (such as going to the movies or restaurants). If they spent money at the World Cup, they spent less elsewhere in the German economy, which largely offsets any economic benefit from the soccer. Of course, some Germans who might otherwise have been spending their money in Spanish bars stayed home for the soccer. However, their spending was probably offset by other Germans who went abroad precisely in order to avoid the madness of the World Cup.

The remaining foreign visitors to the World Cup -  about a quarter of all visitors - were either "time switchers," who would have come to Germany anyway at some point and simply timed their visit to coincide with the World Cup, or foreigners who would have been in Germany during the World Cup anyway and just decided to go along and see what all the fuss was about. Preuss's team called this last category "casuals."

"Time switchers" and "casuals" would have added little to spending because even without the World Cup they would have spent their money in Germany. Preuss's team asked their respondents detailed questions about their spending plans. They concluded that the World Cup generated spending by visitors of 2.8 billion Euros. That was negligible beside the Paris Hiltonisque of 1,000 billion Euros - plus spent annually by consumers in Germany. It was also much less than the German state spent preparing for the tournament. Remarkably, more than a third of that visitor income came from people who never got inside a stadium but merely watched the game on big screens in public places. In short, even the World Cup was barely a hiccup in the German economy.

Almost all research shows the same thing: hosting sports tournaments doesn't increase the number of tourists, or of full-time jobs, or total economic growth." P:242-244

"... That left us with data for five hosts. Admittedly, this is a small sample, but in all five host countries, happiness rose after the tournament, even following for all the other effects that influence happiness the year after the tournament than they had the year before, and they reported more happiness in the autumn surveys (that is, after the tournament) than in the spring surveys (held before the tournament).

The jump in happiness was quite large. Citizens of wealthy countries like the Netherlands or France would need to make hundreds of dollars more a month to experience a similar leap. One way to express this is that the average person gains twice as much happiness from hosting a soccer tournament as from having higher education. The effect can also be likened to an unexpected increase in income that takes someone from the bottom half of the income distribution to the middle of the top half. It's not quite winning the lottery, but very satisfying nonetheless. If you calculate this for an entire nation, then the leap of happiness from hosting can easily be worth a few billion dollars....

It turns out that hosting doesn't make you rich, but it does make you happy. This bags a question. If countries want to host soccer tournaments (and American cities want to host major league teams) as part of their pursuit of happiness, why don't they just say so? Why bother clothing their arguments in bogus economics? " Page:248-249

"One reason poor countries do badly in sports - and one reason they are poor - is that they tend to be less "networked," less connected to other countries, than rich ones. It is hard for them just to find out the latest best practice on how to play a sport." P:269

"To win at sports, you need to find, develop, and nurture talent. Doing that requires money, know-how, and some kind of administrative infrastructure. Few African countries have enough of any." P:270
















Saturday, May 10, 2014

اﻹشتباكات المصرية الليبية عام 1977

تشكل اﻹشتباكات الليبية المصرية عام 1977 مدخلا لدراسة تطور اداء الجيش المصري بعد حرب 1973. فبعد ان ساءت العلاقات المصرية الليبية بسبب توجه السادات للسلام مع اسرائيل، بدأت ليبيا بدعم المعارضة المصرية و التحرش بالجيش المصري عسكريا. و ردت القاهرة بدعم خصوم القذافي في حربه مع تشاد و بالرد على التحرشات الحدودية الليبية. و بدأ السادات يفكر بخطوات اكبر ضد القذافي في صيف عام 1976. فحرك فجأة فرقتين مشاة ميكانيك من القناة و الدلتا باتجاه الحدود الليبية. و وضع هناك حوالي 80 طائرة مقاتلة - من بينها طائرات ميغ 23 - في قاعدة مرسى مطروح. هذه الزيادة الملحوظة في القوات اثارت قلق الليبيين. حيث ان عدد القوات التي حركها السادات (25-30 الف) تساوي تقريبا عدد الجيش الليبي كله. و كان الرد ان حرك القذافي عدة الاف مقاتل مع 150 دبابة لمواجهة الحشود المصرية. و لفترة كان التوتر على الحدود مرتفعا و ظهر و كأن مصر على وشك غزو ليبيا. و بعد مرور عدة اسابيع دون اي تحرك عسكري مصري تراجع القلق الليبي من احتمال الغزو. الكثير من المراقبين ارجع سبب احجام السادات عن غزو ليبيا الى خوفه من مزيد من تدهور العلاقات مع الدول العربية و اﻹتحاد السوفياتي و التي كانت سيئة بسبب سياساته تجاه امريكا و اسرائيل. و لكن تقارير دبلوماسية كانت تشير الى وجود عزم حقيقي للسادات على الهجوم، لكن عدم جهوزية المصريين كانت هي المانع الرئيسي. حيث ان الجيش المصري لم يخطط لحرب مع ليبيا و لم يتمرن عليها، و كان هناك ضعف في الجانب اللوجستي، و وسائل النقل، و البنية التحتية اللازمة في الصحراء الغربية لشن هجوم كبير. و بدأت القيادة المصرية دراسة و وضع خطط عمل عسكري ضد ليبيا بعد تأزم الموقف السياسي عام 1976.

الحشد المصري المفاجئ على حدود ليبيا لم يغير من تصرفات القذافي. على العكس، فقد اعتبر احجام مصر عن الهجوم عام 1976 نوعا من الضعف، و زادت طرابلس من ضغطها على مصر في اﻹعلام و على اﻷرض. و في تلك اﻷثناء، استمر المصريون في اكمال حشودهم و تحضير خطط الهجوم. في ربيع عام 1977 و صلت للروس معلومات بنية مصر غزو ليبيا و ان اﻷمر جد هذه المرة. و حذر الروس الليبيين في مايو و دول عربية اخرى من ان عندهم ادلة على صدق هذا التوقع. تجاهل الليبيون النصيحة و ابقوا قواتهم على مستوى منخفض من الجاهزية مع استمرار المناوشات الحدودية المتبادلة بين الطرفين. اندلعت اشتباكات عنيفة بين 12 و 16 يوليو 1977، و تطورت لضرب مدفعي متبادل ﻷربع ساعات يوم 19 بين قوات بحجم كتيبة من كلا الطرفين. بعدها بيومين بدأ الهجوم المصري.

ميزان القوى

استمر السادات في تعزيز قواته على الحدود مع ليبيا منذ الحشد اﻷول قبل حوالي عام. و عندما بدأ الهجوم المصري اخيرا كان عنده ميزة عددية كبيرة. في بداية يوليو 1976 كان يوجد فرقتين مشاة ميكانيك وصلتا للتو للمنطقة، خلال عام اصبحت هذه القوات متكاملة العدد و العدة، و في مواضع حصينة، و جاهزة للحركة. و تم تعزيز الفرقتين بعدة كتائب صاعقة اضافة لتعزيزات اخرى. اضافة لذلك، خططت القاهرة لتحريك الجيش الثالث من القاهرة و عدة كتائب صاعقة اضافية لو احتاج الأمر. و خلال الأربعة ايام قتال في عام 1977 كانت مصر قادرة على زيادة عدد قواتها لتصل 40000 مقاتل من خلال 3 فرق معززة و 12 كتبية صاعقة، امام هذه القوات لم يكن عدد الجيش الليبي كله يزيد عن 32000 رجل. اكثر من ذلك، ان من هذا الجيش لم يكن يتواجد امام الجيش المصري غير 7-8 كتائب (5000 مقاتل) موزعة على 3 الوية.

غير الميزة العددية المهولة للجانب المصري، كان هناك ميزات اخرى:
1- شاركت مصر في حرب اكتوبر قبل 4 اعوام فقط. و كان هناك عدد كبير من المقاتلين اصحاب الخبرة في صفوف الجيش، خصوصا قوات الصاعقة. في المقابل لم يشهد الجيش الليبي اي معارك.
2- رغم وجود مشاكل للجانب المصري في تشغيل اسلحته التي تحتاج قدرات فنية عالية بطاقتها الكاملة، و في موضوع الصيانة المستمرة لهذه اﻷسلحة، الا ان هذه المشاكل تبدو صغيرة مقارنة بالجانب الليبي. على سبيل المثال، لم تكن ليبيا تملك طواقم دبابات ﻷكثر من 200-300 دبابة، و لم تكن القوات الجوية الليبية تحوي في صفوفها اكثر من 150 طيار. مستوى الصيانة بشكل عام كان مخزيا، و حتى قوات النخبة كان مستوى جاهزية السلاح فيها بحدود 50%.
3- كان الجيش المصري بشكل عام جيشا احترافيا. و قد استمرت السياسات التي ادت لنتائج ايجابية في حرب 1973. مثلا تم ترقية الضباط بناء على كفائتهم بدل الولاء السياسي، و كان كل هم الجيش هو العمل العسكري و لا يوجد تدخل في السياسة، و كان مستوى قيادة اﻷركان ممتازا. على الناجية اﻷخرى كان الجيش الليبي غارقا في الشؤون السياسية و غابت عنه معايير اﻹحتراف. و رفض القذافي تكوين وحدات عسكرية اكبر من كتبية، و وضع الضباط الموالين له مهما كان مستواهم العسكري. و كان يتم تغيير مراكز القيادات بشكل مفاجئ و مستمر لضمان عدم تكوين علاقات بين الضابط و قواته. اضافة لذلك ادخل القذافي موجهيين سياسيين في كل وحدات الجيش لإبقاء الرقابة على الجيش.
4- قد يكون العامل الوحيد الذي في مصلحة الجانب الليبي هو الروح المعنوية للجنود. بسبب اﻹعتقاد بخيانة السادات للعرب. بينما كان الجيش المصري غير مرتاح للحملة العسكرية كونها موجهة لدولة عربية و لكونها ناتجة عن سياسة السادات نحو عمل سلام مع اسرائيل.

خط سير المعارك

بعد اكتمال الحشد المصري و خطط القتال. جلس السادات ينتظر استفزازا ليبيا يبدأ به سير القتال. و حصل على مراده يوم 21 يوليو، حيث قامت كتيبة ليبية بغارة على مدينة السلوم المصرية. كانت الغارة شبيهة بغارة يوم 19 يوليو. و هناك وقعت الكتيبة التاسعة المدرعة الليبية في كمين مصري و حرك الكمين - كمان كان مخطط له مسبقا و متمرن عليه - هجوما مصريا مضادا بفرقة مشاة ميكانيك كاملة. خسرت الكتيبة الليبية نصف قوتها قبل ان تنسحب وراء الحدود. و قامت عدة طائرات ميراج ليبية بالمشاركة بالغارة و ضربت عدو مواقع مصرية بدون اي تأثير. و اعلن المصريون اسقاط طائرتين بمدفع مضاد للطائرات.

بعد عدة ساعات للتحضير و اعادة التجميع، انطلق الهجوم المصري المضاد. و بدأت العملية بضربات جوية من طائرات سوخوي 20 و ميغ 23 ضد قاعدة جمال عبد الناصر الليبية في اﻷدم، و هي القاعدة الجوي الليبية الرئيسية في الشرق. و قد حقق المصريون المفجأة الكاملة للطرف الليبي، الذي كانت كل طائراته على المدرجات و بشكل مكشوف. و لكن القوات الجوية المصرية اخفقت في تحقيق اي اضرار فعلية في الجانب الليبي. و قد نجح المصريون على العموم في ضرب عدة رادارات ليبية و لكن لم يتم تحقيق اكثر من اضرار طفيفة في الطائرات المقاتلة الليبية.

بعد الضربة الجوية انطلقت قوات تقدر بحوالي فرتي مشاة ميكانيك مصرية الى الساحل الليبي نحو بلدة مسعد. و بشكل عام هربت القوات الليبية باستثناء بعض اﻹشتباكات بين الدبابات. و قد بدا ان العملية اقرب للاستطلاع القتالي لتحديد حجم الدفاعات الليبية امام الحدود، و في نهاية اليوم انسحب المصريون وراء الحدود مرة اخرى بعد ان دخلوا حوالي 20 كيلو متر داخل ليبيا. و دمر المصريون 60 دبابة و مدرعة ليبية في معركتي السلوم و مسعد.

اليومين التاليين شهدا قصفا عنيفا متبادلا بين الطرفين و لكن بدون اي تغيير على اﻷرض. و كانت اضرار القصف طفيفة على الجانبين. و قامت القوات الجوية الليبية بغارات متواضعة لم تزد عن 10-20 غارة في المجمل ضد القوات المصرية المحتشدة في السلوم. و ادعى المصريون اسقاط طائرتين ليبيتين بالمدافع المضادة للطيران بينما قالت ليبيا ان الطائرتين سقطتا بنيران صديقة و بخطأ تقني. و في تلك اﻷثناء هاجم الطيران المصري مجددا قاعدة ناصر و قاعدة الكفرة و قواعد عسكرية اخرى و بلدات ليبية اخرى على طول الحدود. و ضد قاعدة ناصر كان الهجوم اكبر من الضربة اﻷولى (3 اسراب سوخوي-20 و ميغ 23) و لكن حجم اﻷضرار بقي طفيفا على الطائرات و المنشآت الليبية، و ذلك رغم بقاء الطائرات الليبية مكشوفة كما كان الحال بعد الغارة اﻷولى! و قام الطيران المصري بالتحليق بشكل منخفض فوق البلدات الليبية لبيان سيطرتهم على الجو. و قامت قوات الصاعقة المصرية بإنزالات جوية على مواقع الرادارات الليبية، و معسكرات تدريب المعارضة المصرية المسلحة، و منشات الجيش الليبي في الكفرة و جغبوب، و اﻷدم، و طبرق و غيرها من المواقع.

يوم 24 يوليو تصاعدت الهجمات المصرية كتحضير للهجوم البري. أولا، تم شن اكبر غارة جوية حتى تاريخه ضد قاعدة ناصر. هذه المرة تم عمل انزال نظلي بالمروحيات التي صاحبت الغارة الجوية. و رغم الهجوم المستمر من الجو لثلاثة ايام، لم يقم الليبيون بتوزيع قواتهم الجوية في تلك القاعدة و لم يتم عمل اي اجراء ﻹخفاء الطائرات او حمايتها. هذه المرة كان حالف الهجوم الجوي المصري بعض النجاح: حيث تم القاء قنابل على المدرجات لتعطيل الطيران و تم تدمير 6-12 طائرة ميراج ليبية على اﻷرض و تم تدمير عدة رادارات و الحاق بعض اﻷضرار ببطاريات سام. و لكن الليبين نجحوا في اسقاط طائرتين مصريتين على اﻷقل من طراز سوخوي 20 بواسطة المدافع المضادة للطيران. ضرب المصريون ايضا مطار الكفرة و لكن بدون اي ضرر مؤثر. و نجحت انزالات الصاعقة في تحقيق اضرار مهمة في مخازن الجيش الليبي المتقدمة في الجغبوب و الأدم.

و رغم النجاح المبدأي في غارات يوم 24، و رغم ان قوات الصاعقة المصرية كانت لا تزال في المطارات الليبية. اعلن الرئيس السادات وقف اطلاق النار بشكل فوري. و قد استغرب معظم المراقبين مثل هذا القرار. حيث عكفت مصر على ابلاغ القنوات الدبلوماسية ان العملية العسكرية ستستمر حتى اسقاط العقيد القذافي. و تشير بعض المصادر الدبلوماسية ان امريكا ضغطت على مصر بشكل كبير لمنع هذا الغزو. حيث علم اﻷمريكيون ان هدف السادات هو اسقاط نظام القذافي من المصريين مباشرة الذين توقعوا دعم امريكا ضد هذا العدو المشترك. و لكن الجانب اﻷمريكي رفض هذه المبادرة. و كانت انطباعات الجانب اﻷمريكي - على ما يبدو - ان الجيش المصري - قياسا على حرب اكتوبر و على محدودية البنية التحتية في الصحراء الغربية - سيكون معرضا للفشل لو اكمل الغزو المزمع. و هذا ليس بسبب ان المصريين لن يستطيعوا دحر الجيش الليبي، بل ﻷن قدرات الجيش المصري اللوجستية و التكتيكية لا تسمح بالتقدم لمسافة تزيد عن 1000 كم الى طرابلس. حيث توقع اﻷمريكان ان ينجح المصريون في اﻹنتصار على الجيش الليبي على الحدود و الجبهات القريبة من مصر، و لكن كانت لديهم شكوك جدية في قدرة القاهرة على دعم و تموين جيشها طوال اﻷسابيع التي سوف تستغرقها الحملة للوصول لطرابل. قياسا على اضطرار مصر لعمل وقفة تعبوية بعد 4 ايام فقط في حرب 1973. و كان هناك ايضا تخوف امريكي من انه حتى لو تمكنت مصر من التوغل عدة مئات من الكيلومترات نحو بنغازي على سبيل المثال، فلن يكون هذا كافيا لاسقاط القذافي. و هو ما قد يهدد مركز مصر في العالم العربي. و هو ما اعتبرته مصر امرا غير مقبول للحليف الجديد الذي تريد اﻹعتماد عليه في بناء معسكر السلام في الشرق اﻷوسط. حيث ان للسادات رصيدا كبير من "نصر" اكتوبر و لا يجب السماح له باستنفاذه قبل توقيع اتفاق السلام.

استمرت بعض اﻹشتباكات المتقطعة خلال يومين. و رغم عدم توقيع الطرفين اتفاقيات انهاء اشتباك او معاهدة سلام، حافظ كلا الطرفين على الهدنة. و تدريجيا بدأ الطرفان بسحب قواتهم، كون البنية التحتية في المنطقة صعبت من ابقاء اي حشود عسكرية كبيرة لفترة طويلة. و خسر الليبيون 10-20 طائرة ميراج مقابل 4 طائرات مصرية، و راح 400 جندي ليبي بين قتيل و جريح مقابل حوالي 100 جندي مصري. و خسرت ليبيا 30 دبابة و 30 مدرعة، و حصل تدمير معتبر للدفاع الجوي الليبي المتمركز حول حدود مصر و بعض التدمير في المطارات العسكرية.












Monday, April 14, 2014

العرب في الحرب - الفعالية العسكرية للجيوش العربية بين عامي 1948 و 1991 - الجيش العربي اﻷردني - 6 - حرب عام 1973

عندما شنت مصر و سوريا هجومهما المفاجئ المشترك على اسرائيل في السادس من اكتوبر عام 1973، و جد اﻷردن نفسه في موقف محرج: فمن جهة، لم تكن لعمان الرغبة في استفزاز اسرائيل بشكل غير ضروري. و قد ادرك اﻷردنيون التفوق العسكري اﻹسرائيلي و لم يكن لهم رغبة في تكرار ما حصل عام 1967. اضافة لذلك، فمنذ احداث عام 1970، فقد طور اﻷردن و اسرائيل علاقة تشاركية لم يرغب اي من الطرفين في تعطيلها. فقد دعم اﻹسرائيليون ملك اﻷردن عام 1970 عن طريق التهديد بالتدخل في الحرب ضد السوريين و هو ما ادى لتراجع السوريين عن تطوير هجومهم بعد 22 سبتمبر. و قد استفاد الطرفان من هذا السلام بعد خروج منظمة التحرير من عمان و لم ترد عمان ارجاع التوتر العسكري. و من الجهة الثانية، احس الملك حسين بالضغط الشعبي و الضغط العربي  ليشارك اﻷردن بقواته مع العرب، و كان من بين الدول العربية الضاغطة من دعم اﻷردن ماليا و عسكريا. و في النهاية، وافق الملك على ارسال قوات للدفاع عن سوريا، و لكن دون ان يهاجم اسرائيل. و باﻹضافة لذلك، ارسل الملك رسالة سرية ﻹسرائيل لتوضيح ان اﻷردن لن يفتح جبهة ثالثة في الحرب.

و بما يشبه السماح الضمني من اسرائيل، ارسلت عمان اللواء 40 المدرع بقيادة العقيد خالد هجهوج المجالي لسوريا يوم 13 اكتوبر. في ذلك الوقت، كان الهجوم السوري على الجولان قد فشل. و كان اﻹسرائيليون قد بدأوا بالهجوم نحو دمشق يوم 11 اكتوبر، و لكن الفرقة الثالثة العراقية المدرعة وصلت يوم 12 اكتوبر و اقتربت من ميمنة الهجوم اﻹسرائيلي المكشوفة، مما اضطر اﻹسرائيليين ﻷخذ المواقع الدفاعية و إيقاف التقدم. و بناء عليه، عندما وصل اﻷردنيون جنوب سوريا ليلة 13-14 اكتوبر كانت الجبهة قد استقرت: فلا تهديد سوري للجولان، و التهديد اﻹسرائيلي على دمشق قد انحسر.

بدايةً، تم وضع اللواء اﻷردني تحت قيادة الفرقة العراقية المدرعة، و التي كانت بدورها تتبع لقيادة اﻷركان السورية. و خلال الأيام التالية، قام السوريون باستخدام هذه القوة المشتركة بهجمات سيئة التخطيط، و بدون دعم مناسب، و بدون تنفيذ مناسب من قبل هذه القوات ضد الجهة الجنوبية من اﻹختراق اﻹسرائيلي. و من الغير واضح اذا كان السوريون يأملون حقا في ان يتمكن العراقيون و اﻷردنيون من دفع اﻹسرائيليين للتراجع، أو انهم ارادوا ان يبقوا اﻹسرائيليين مشغولين و تحت الضغط حتى يتسنى للسوريين اعادة تنظيم قواتهم و تحضيرها. و رغم ان الهجمات العراقية اﻷردنية انتهت كلها للفشل، فإن اﻹسرائيليين لم يجددوا هجومهم نحو دمشق. و تمكن السوريون من اعادة تنظيم قواتهم و تسليحها بما احضره الروس من سلاح عبر البحر.

تم الهجوم العراقي الأردني المشترك اﻷول يوم 16 اكتوبر. كانت الخطة ان يهاجم اللواء 40 المدرع اﻷرني و اللواء 6 المدرع العراقي بالتزامن على الجيب اﻹسرائيلي من الجهة الجنوبية. و قد كان للاسرائيليين "عقدة" من 4 الوية مدرعة خاضت القتال من اول الحرب ووصل مجموع دباباتها 130 دبابة فقط. و كانت هذه الدبابات متوزعة على مجموعة تلال شرق القنيطرة. و كانت الخطة ان يدفع اﻹردنيون اﻹسرائيليين من تل المال شمالا لقطع طريق دمشق القنيطرة. و تم تخطيط الهجوم ليبدأ بالتزامن فجرا. لكن العراقيين لم يستطيعوا تنظيم قواتهم ليبدأ في ذلك الوقت. و بدل ان ينتظر اﻷردنيون العراقيين ليتم الهجوم بالتزامن،  قرر العقيد المجالي ان يحافظ على التوقيت اﻷصلي و ان يهاجم وحده! قام اللواء 40 بهجوم بالتعرض المباشر باستخدام 80 دبابة سنتوريون و 40-50 مدرعة M113، و باسناد مدفعي عراقي و سوري و باسناد من قاذفات صواريخ اردنية ضد اللواء 17 المدرع اﻹسرائيلي (و الذي بقى له 30 دبابة فقط) في تل المال. و كان اﻹسرائيليون قد رصدوا الحشود العراقية شرق مواقع اﻷردنيين، و توجهت معظم تشكيلات العقدة اﻹسرائيلية نحو المواقع العراقية تحسبا. و بسبب كون اﻷردنيين قد هجموا لوحدهم، فقد قرر القائد اﻹسرائيلي توجيه كتائب اخرى لتعزيز تل المال. تقدم اﻷردنيون ببطء نحو التل، و عمد اﻹسرائيليون لتثبيتهم بالضرب المدفعي بعيد المدى (اضافة للمدفعية العراقية التي ضربت اﻷردنيين بالخطأ) و بعدها تحركت قوات لوائين اسرائيليين لعمل احاطة مزدوجة من جانبي القوات اﻷردنية  المهاجمة. و تم حصار القوة اﻷردنية المهاجمة من 3 جهات ب 60-70 دبابة سنتوريون اسرائيلية و بدأت الخسائر الأردنية تزداد. حارب اﻷردنيون بشكل جيد كدبابات منفصلة، لكن المشاة الأردنيين لم يساهموا في المعركة بشكل فعال و لم يمكن توجيه القوات كمجموعة لعمل رد فعل مدروس للمناورة اﻹسرائيلية. و في النهاية تراجع اﻷردنيون بعد تدمير 28 دبابة بدون اي اضرار مهمة للاسرائيليين.

عندما قام العراقيون اخيرا بهجومهم صباح يوم 16 اكتوبر، كان اﻹسرائيليون قادرين على توجيه كل قوات عقدتهم ضدهم. و مع انتهاء التهديدي اﻷردني غربا، ارسلت قيادة العقدة اللواء 17 المدرع جنوبا و من ثم التف اللواء شرقا للهجوم على الجناح العراقي. و قد ضرب العراقيون بقوة و خسروا 60 دبابة من اصل 130.

بعد الهجوم يوم 16، انسحب اﻷردنيون لتصليح اﻷضرار و لتعويض الخسائر. و قد تركهم اﻹسرائيليون يومي 17 و 18 بسبب المشاغلة العراقية و السورية عن طريق المدفعية. اصلح اﻷردنيون ما امكن اصلاحه و احضروا تعزيزات لتعويض الخسائر. و طلب اﻷردنيون تغييرا في سلم القيادة، حيث لم يرغب اﻷردنيون في بقاء اللواء تحت قيادة الفرقة العراقية. حيث ان تأخر العراقيين في التحضير للهجوم، و ضرب المدفعية العراقية للمواقع اﻷردنية اثناء الهجوم اصاب اﻷردنيين بالضيق. و تم الحاق القوات اﻷردنية بالفرقة 5 مشاة السورية. و بعد كارثة الهجوم اﻷول، قرر الملك ارسال اللواء 92 مدرع لينضم للواء 40.

عاد اﻹردنيون للقتال يوم 19 اكتوبر. حيث خطط السوريون لهجوم جديد يتقدم فيه اللواء 40 كجناح ايسر للهجوم على الموقع اﻹسرائيلي شرق القنطرة. و مرة اخرى سيكون العراقيون هم الجناح اﻷيمن بينما تكون فرقة المشاة السورية (و التي ضربت بقوة في الحرب) احتياط لتعزيز الهجوم في حال نجاحه. لم يكن اللواء 92 قد وصل بعد، و بالتالي كان عاتق الهجوم يقع على اللواء 40 و الذي لم يعوض كل خسائره من الهجوم الأول (كان يملك 60 دبابة).

الهجوم العربي فشل مرة اخرى. و لكن ليس بسوء ما حصل في يوم 16. مرة اخرى، تم تخطيط الهجوم ليبدأ فجرا، و لكن هذه المرة لم يقم اﻷردنيون بالهجوم في الوقت المحدد! و بالتالي ركز اﻹسرائيليون كل قوتهم ضد الهجوم العراقي و تم ضرب الهجوم العراقي بقوة. تحرك اللواء 40 في حدود الساعة 9 صباحا بينما كان اﻹسرائيليون لا يزالوا مشغولين مع العراقيين، و بالتالي واجه اﻷردنيون اللواء 19 مدرع اﻹسرائيلي (و الذي كان بقي له 30-40 دبابة). قسم المجالي قواته لكتيبتين، و ارسل كل واحدة من جهة لتحيط بتل الحارة و ابقى المشاة الميكانيك كاحتياط. و اعطى المجالي صلاحيات ادارة المعركة لقادة الكتائب دون اي توجيهات اخرى.

كلا الكتيبتين ادت بشكل ضعيف. لكن هذه المرة - و بسبب دروس المعركة اﻷولى - كانوا حذرين جدا في التقدم و لم يتم ضربهم بقوة مثلما حصل المرة السابقة. الكتيبة الغربية وصلت لغاية طريق ام باطنه-جبه بسبب ان الكتيبة اﻹسرائيلية في ام باطنة ظنوهم اسرائيليين (بسبب تشابه المعدات) . و بمجرد ان ظهر الخطأ فتح اﻹسرائيليون النار، و قاتل اﻷردنيون بشكل جيد كدبابات منفردة و لكنهم لم يكونوا بقدرة اﻹسرائيليين و لم يكونوا جيدين كسرايا و ككتيبة. و بدا اﻷردنيون يخسرون الدبابات بسرعة اﻷمر الذي اوجب فصل اﻹشتباك و اﻹنسحاب. بينما تقدمت الكتيبة الشرقية بحذر شديد و وضعت قوات كشف في المقدمة و على اﻷجنحة حتى يمنعوا اﻹسرائيليين من تطويقهم كما حصل يوم 16. و لكن بعد اجبار الكتيبة الغربية على اﻹنسحاب، ركز اﻹسرائيليون كامل قوة لوائهم على الكتيبة الشرقية. و تم تثبيت اﻷردنيين من المقدمة و محاولة تطويقهم من الجانبين مثلما خشي اﻷردنيون، و بمجرد ان شعر اﻷردنيون بالكمين، انسحبوا بسرعة. و اثناء القتال لم تقم كتيبة المشاة الميكانيكية بغير اعمال ثانوية مثل اخلاء الجرحى دون اﻹشتراك في المعارك الفعلية ذلك اليوم. و في الحصيلة، خسر اﻷردنيون بين 17-20 دبابة مقارنة ب 4-5 دبابات اسرائيلية.

لم يشترك اﻷردنيون بعدها بأعمال قتالية بعدها على مستوى اعلى من اعمال القنص و التحرش الناري، و لم يدخل اللواء 92 في الحرب بصورة فعلية حتى توقف اطلاق النار يوم 24 اكتوبر. و كانت مجمل الخسائر اﻷردنية حوالي 54 دبابة و حوالي 80 قتيل.

الفعالية اﻷردنية خلال حرب اكتوبر

في عام 1973، ارسل اﻷردن فقط عينة من قواته للمشاركة في الحرب ضد اسرائيل، و كان ذلك فقط للدفاع عن سوريا. كان اﻷردنيون هناك فقط من باب المشاركة و كان اجتهادهم في الحرب ليس على الوجه الكامل. و بالتالي يجب الحذر من عمل استنتاجات كبيرة على اﻷداء اﻷردني في تلك الحرب. عموما، ادى اﻷردنيون كأفراد و اطقم افضل من غيرهم من الجيوش العربية، لكنهم لم يكونوا على مستوى كاف لهزيمة اﻹسرائيليين. و في كل مرة  تواجه الطرفان، لم يواجه اﻹسرائيليون صعوبة كبيرة في دحر اﻷردنيين.

العقيد المجالي و قادة الكتائب كانوا سيئين لعدة اسباب: اولا، المجالي لم يبدو انه فهم حقيقة ارسال اﻷردن لقواته للجبهة السورية. فعمان لم ترد ﻷفضل لواء في الجيش اﻷردني ان يتم تدميره من قبل اﻹسرائيليين، بل ارادوا ان يشارك اللواء في اﻷعمال الدفاعية عن القطر السوري مع تجنب الخسائر. و لكن قرار المجالي الهجوم و لوحده يوم 16 كان قرارا غبيا و ضد توجيهات القيادة العليا. الهجوم لوحده مكن اﻹسرائيليين من تركيز كل قوتهم عليه و تدميره مما ادى لفقدان ثلث قوة اللواء من الدروع. و يبدو منطقيا توقع ان المجالي سمع كلاما لم يسره من القيادة بعد فشل الهجوم، و بالتالي كان حريصا على عدم التقدم يوم 19 حتى تحقق من ان الهجوم العراقي قد بدأ. و في المعركة الثانية ايضا، كان اداء العقيد المجالي سيئا: فقد قسم قواته ل 3 اقسام و ترك لقادة الكتائب التصرف لوحدهم دون اي اشراف و دون اي تنسيق بين الكتائب الثلاث. و لم تستطع الكتائب الثلاثة القيام بجهد منسق او مساعدة بعضهم البعض في المعركة الثانية. و اخيرا، ترك السماح للكتيبة الثالثة في اللواء - كتيبة المشاة الميكانيك - بعدم المشاركة بالقتال بشكل فعلي علامات استفهام كثيرة حيث كان من الممكن لها مساعدة الكتيبتين المدرعتين اثناء اشتباكهم مع العدو.

تشير هذه الأخطاء لمشاكل اخرى عانى منها اﻷردنيون. فبينما كان اﻹسرائيليون دائما يشيدون بحرفية الجندي اﻷردني و مهارة طاقم الدبابات اﻷردني، فإنهم لم يكونوا بمثل قدرات الجانب اﻹسرائيلي. و بشكل اهم، كان هناك مشاكل في خوض المعارك على مستوى التشكيل كاملا. كدبابات فردية، كان اﻷردنيون ممتازين، اما على مستوى السرايا و الكتائب فكان التنسيق مفقودا. و باستثناء الكتيبة الشرقية في المعركة الثانية، لم يهتم اﻹردنيون بحراسة المقدمية و اﻷجناب للحماية من الكمائن، و لم ينجح اﻷردنيون بالمناورة في وجه التحركات اﻹسرائيلية و كان اغلب هجومهم بالتعرض المباشر و من ثم اﻹنسحاب في حال اكتشاف محاولة تطويق اسرائيلية.

كانت العمليات المشتركة بين مختلف اﻷسلحة للجانب اﻷردني سيئة جدا. فلم يستغل اﻷردن قاذفات الصواريخ لديه في بداية المعارك (كان لدية كتيبتين) و كان اﻹعتماد على المدفعية العراقية و السورية. و حتى عندما ارسل اﻷردن كتيبة مدافع 105 ملم للجبهة، كان تأثيرها على المعركة محدودا. و اﻷسوأ من ذلك، فقد فشل اﻹردنيون في تحريك المشاة الى جانب الدروع. كانت الوحدات اﻹسرائيلية في اغلبها تضم فقط الدروع مع دعم مشاة قليل و كانوا بالتالي معرضين لمشاكل كبيرة لو واجههم خصم يملك قدرة عالية في مجال اﻷسلحة المشتركة: دروع و مشاة مع مضادات الدبابات و المدفعية. و في بعض الحالات ضربت الدروع اﻷردنية بقوة من فرق صائدي الدبابات اﻹسرائيليين (و كانوا قليلي العدد) و كان يكفي عدد قليل من المشاة للتعامل معهم. بشكل عام، كان اﻷداء اﻷردني ضعيفا من الناحية التكتيكية. 

المصدر:
 K. Pollack, "Arabs at War", University of Nebraska Press







    


Friday, March 28, 2014

العرب في الحرب - الفعالية العسكرية للجيوش العربية بين عامي 1948 و 1991 - الجيش العربي اﻷردني - 5 - حرب عام 1948

في عام 1948، عندما تقدم الفيلق العربي نحو فلسطين، كان اكثر جيش احترافي في الشرق اﻷوسط. كان الجيش اﻷردني مدربا و تحت قيادة بريطانية او تحت امرة ضباط اردنيين تلقوا تدريبا بريطانيا. و كان كل الضباط باستثناء 5 من رتبة عميد فأعلى من اﻹنجليز، و يشمل ذلك غلوب Glubb  الذي كان القائد العام. حرص اﻹنجليز على ان يكون الجيش مستعدا بشكل جيد للعمليات الحربية التقليدية. و خلال اول 24 عام من تأسيسه، كان الجيش مسؤولا عن امن اﻹمارة الداخلي و الخارجي. و بغض النظر عن عن مسؤوليات الجيش، كان الضباط و الجنود يتدربون بشكل مستمر على العمليات الحربية التقليدية.  و زاد هذا التركيز اكثر اثناء الحرب العالمية، حيث احتلت سيناريوهات مثل مواجهة جيش فيشي في سوريا أو قتال قوات المحور أهمية اكبر من قتال القبائل.
الملك عبدالله برفقة غلوب باشا

المحصلة كانت ان بريطانيا انشأت الجيش اﻷردني على صورة مصغرة من الجيش البريطاني، أو بشكل ادق على صورة القوات التي كانت تتبع للجيش البريطاني في المستعمرات. و مثلما كانت سياسة بريطانيا في اﻹعتماد على جيش صغير محترف يخدم فيه اﻷفراد لفترات طويلة، كانت اﻷمور بالنسبة للجيش اﻷردني مشابهة. و مثلما ركز البريطانيون على نوعية الجنود على حساب العدد، كان هو الحال مع الجيش اﻷردني. و مثلما ركز البريطانيون على مهارات الجنود الفردية و التي يتم صقلها بتدريبات مستمرة على مدار اﻷعوام.

القوات المسلحة اﻷردنية على أعتاب الحرب

نتيجة للتحكم المباشر للانجليز، كان الفيلق العربي (استخدم لفظ فيلق ليدل على جمع و ليس على مجموعة جيوش و مرادفها اﻹنجليزي Legion، و ذلك للتفريق بين هذه القوات و الجيش اﻷردني بعد تعريبه عام 1956) عام 1948 قوة نخبة من الجنود اصحاب الخدمة الطويلة. اصر الجنرال غلوب على بقاء القوات كلها على اساس التطوع للحرص على بقاء مستوى القوات مرتفعا. في عام 1948، كان اﻷردن من اكثر مناطق العالم العربي رجعية اقتصادية. و كان راتب الجندي مرتفعا إضافة لتمتعه بمركز اجتماعي متميز بين البدو. هذه الحوافز ادت لسنوات خدمة طويلة بين الجنود. أضافة لذلك، ادى ابقاء عدد الجيش منخفضا الى ابقاء معظم افراده من البدو، الذين وثق اﻹنجليز بولائهم اكثر من الحضر.

و كان للفيلق العربي مشاكله طبعا. و معظمها مرتبط بالتخلف اﻹقتصادي للبلاد. و بسبب تفضيل غلوب للبدو، كانوا يمثلون اكثر من 50% من قوة الفيلق بينما هم لم يزيدوا عن 30% من السكان. و لسوء الحظ، كان نصيب معظم البدو من التعليم معدوما، و كان اﻷمر اسوأ بالنسبة للخبرة التقنية باﻷليات. و طبعا كان للحضر مستوى اعلى من المعرفة و الثقافة و كانو موجودين بنسب اعلى في اﻷسلحة المساندة و لكن هذا كان نسبيا فقط، فالقليل منهم كان يملك تدريبا تقنيا عاليا. و كان هناك مشاكل مستمرة بين البدو و الحضر، اﻷمر الذي اجبر غلوب على فصل الطرفين بوحدات مستقلة.

في بداية الحرب في مايو 1948، كان الفيلق العربي يتكون من:

1- حوالي 8000 رجل.
2- 50 سيارة مدرعة.
3- و حوالي 20 قطعة مدفعية.

 و على صغر هذه الترسانة، كانت اكثر مما تملكه عصابات الهاجانه اﻹسرائيلية التي قاتلتهم. على سبيل المثال، في المعارك اﻷولية حول القدس، حيث وضع الجيش اﻷردني نصف قوته، كانت اثقل اسلحة اﻹسرائيليين مدفعين رشاشين متوسطين، و سلاحي Piat مضاد للدبابات يطلق من الكتف. و للقتال في الحرب، اعاد غلوب تشكيل القوات لتصبح فرقة واحدة بلوائين: كل لواء يحوي كتيبتين من المشاة و عدد من السرايا المستقلة. و كل كتيبة ملحق بها سرية مدرعة. المدفعية كانت منظمة بشكل كتيبة مستقلة مكونة من 3 بطاريات. أخيرا كان هناك لواء ثالث - وهمي - صمم لخداع اﻹسرائيليين بوجود لواء ثالث احتياط ليمنعهم من الهجوم على امارة شرق اﻷردن.  كانت اهم مشاكل القوات هي نقص الذخيرة. و قبل بدء الحرب، قدر غلوب ان لديه ذخيرة تكفي لمعركة واحدة قصيرة تشمل كل قواته.


مدفع بيات المضاد للدبابات

 ضد هذه القوات، حشد اﻹسرائيليون 50000 مقاتل بتسليح ضعيف و تدريب ضعيف. و كانت نصف هذه القوات تنتظم في تسع كتائب بالماخ و هاجاناه جاهزة للانتشار في طول البلاد و عرضها. و كان النصف الباقي عبارة عن ميليشيا تستخدم فقط في الدفاع عن مدنها و مستوطناتها. و عند بدء الحرب، لم تكن اسرائيل تملك سلاح مدرعات حقيقي، أو مدفعية، أو طيران، أو سلاح ثقيل يذكر. إضافة لذلك، اضطر اليهود لنشر قواتهم لدفع 5 جيوش عربية اضافة للقوات اﻷردنية.

أهداف اﻷردن و استراتيجيته

هناك قدر كبير من عدم اليقين حول نوايا الملك عبد الله عندما امر قواته بالتوجه لفلسطين في مايو عام 1948. فقد كان من الواضح انه لم يكن ينوي ان يمحو الدولة اليهودية، و ذلك على عكس نوايا المصريين و العراقيين و السوريين و الفلسطينيين. على اﻷقل مبدأيا في عام 1947، يظهر ان عبد الله اراد فقط ان يسيطر على مناطق معينة من فلسطين التي اعطتها اﻷمم المتحدة للفلسطينيين بقرار التقسيم و ضمها لدولته. و في نفس الوقت، ففتح الملك مفاوضات سرية مع اﻹسرائيليين بهدف تقسيم هذه المناطق بدون نزف دماء. و مع مرور الوقت، يبدو ان سقف طموح الملك قد ازداد، حيث بدأ يفكر يفكر في ان تكون الدولة اﻹسرائيلية عبارة عن سلطة حكم محلية لليهود ضمن اﻷردن. و بالتالي بدا يأمل ان يزيد مساحة المناطق الخاضعة للأردن و ان يسيطر على القدس بدل ان يتركها كمدينة دولية كما نص عليه قرار التقسيم. و قد يكون دقيقا ان نقول ان خطة عبد الله كانت في السيطرة على الضفة الغربية و اي مناطق اخرى تسنح الفرصة لضمها.

هذه الطموحات كانت تصطدم بمحدودية القوات و بولاء القيادة البريطانية لقواته. فمن ناحية، لم تكن القوات العربية اﻷردنية بحجم كاف لاحتلال كل فلسطين، بل انها لم تكن بحجم كاف لبسط سيطرتها على المناطق التي اعطيت للفلسطينيين في تقسيم اﻷمم المتحدة. و من ناحية اخرى، كان من المتوقع ان تحارب اسرائيل حتى اخر رجل، و لم يكن اﻷردن يثق في رد فعل حلفائه العرب على نوازعه الفردية في ضم اﻹقليم للأردن. اضافة لذلك، كان عبد الله يعتمد بشمل تام على غلوب و غيره من الضباط البريطانيين الذين كان ولاؤهم موزعا بين عمان و لندن. و قد كان موقف الحكومة البريطانية واضحا في انهم لن يتسامحوا في تجاوز قرار التقسيم للأمم المتحدة. و قد امرت بريطانيا ضباطها بشكل محدد بترك وحداتهم لو هاجمت المناطق اليهودية.

في النهاية، حاولت اﻹستراتيجية اﻷردنية التوفيق بين المحاذير السابقة. فكانت خطة غلوب:

1-الاندفاع داخل الضفة مباشرة و احتلالها لغاية حدود التقسيم.
2- بعدها ينتقل الفيلق العربي للدفاع بأقصى سرعة لتجنب استفزاز اليهود و لتأمين المناطق الفلسطينية التي تم ضمها.
3- شيء اخير تنبه له غلوب: تقليل خسائر قواته. حيث ان من مشاكل وجود قوات قليلة العدد من الجنود المحترفين اصحاب الخدمة الطويلة هو ان الخسائر في اﻷرواح لا يمكن تعويضها بسهولة. و عليه قرر غلوب تجنب المعارك الدموية بأي ثمن، و باﻷخص في شوارع القدس، حيث ستقل فعالية حرفية القوات اﻷردنية و قد يتم خسارة قوات كبيرة في قتال الشوارع من بيت لبيت.


سير العمليات

اول العمليات القتالية اﻷردنية جرت قبل بدء الحرب يوم 15 مايو 1948. حيث بدأ اﻹسرائيليون من 4 مستوطنات عتصيوني خارج القدس بالتحرش بالتحركات العربية العسكرية في شهر ابريل 1948. اعتبر البريطانيون هذه الحركات غير مقبولة و ارسلوا قوات بريطانية مدعومة بالدبابات مع سرية معززة من الفيلق العربي اﻷردني مع بعض المتطوعين العرب لمهاجمة هذه المستوطنات اوائل شهر مايو. و بشكل مدهش، فقد صمدت المستوطنة امام هذا الهجوم، و اكتفى البريطانيون بهذا اﻹجراء التأديبي و قرروا سحب قواتهم. و قد بقيت القوات اﻷردنية و المتطوعين على امل ان ترسل عمان اشارة باستكمال الهجوم.

مر اسبوع  دون اوامر من عمان. و في يوم 11 مايو قام قائد السرية العقيد عبد الله التل بمبادرة فردية و اصدر امر الهجوم على المستوطنة. كان لدى اليهود حوالي 500 شخص قادر على حمل السلاح في المستوطنات اﻷربع لكن سلاحهم كان خفيفا. و كانت القوة العربية اقل عددا، كانت القوة اساسا من سرية الجيش العربي مدعومة بكتيبة مدرعة مع سناد مدفعي و مدفعية ميدان. و في 3 ايام من القتال، نجح العرب في عزل المستوطنات اﻷربع و هاجمت السرية المستوطنة الرئيسية مع اسناد ناري قوي. و استخدم العرب جزءا من قواتهم لتثبيت مقاتلي المستوطنة على خط الدفاع الرئيسي و ارسلوا قسما اخر مع السيارات المدرعة لتطويق القوات المدافعة. و في يوم 13 مايو نجح الفيلق العربي في اخذ المستوطنة الرئيسية في كفر عتصيون مما ادى لاستسلام المستوطنات الثلاث اﻷخرى.

عبرت القوات اﻷردنية الرئيسية نهر اﻷردن نحو فلسطين صباح يوم 14 مايو 1948. و هناك اتصلت القوات مع القوات اﻷردنية الموجودة جنوب القدس و احتلت مناطق دفاعية ممتازة حول مرتفعات السامرة (شمال الضفة). وضع غلوب احدى الويته لتغطي المنطقة من جنين حتى شمال رام الله، اﻷمر الذي سمح له بتركيز اللواء اﻷخر - مع بعض السرايا المستقلة - في القدس و حولها و اقام مركز قيادة اللواء في رام الله.

معركة القدس

في يوم 17 مايو، امر الملك عبد الله غلوب بالهجوم على القسم اليهودي من القدس. كان هذا خرقا واضحا لقرار التقسيم و اوامر الحكومة البريطانية. و رغم ذلك، انصاع غلوب للاوامر، و برر ذلك بأن التدخل بقوة سوف ينهي اﻹضطراب الناتج عن القتال بين الطرفين في المدينة لمدة 3 ايام.

1- ارسل غلوب احدى الكتائب المرسلة الى السامرة شمالا - الكتيبة الثالثة مشاة - من اللواء اﻷصلي و تم ارسالها لجنوب القدس للمشاركة في الهجوم على المدينة. اﻷردنيون قاموا بهجوم منسق من الشمال و الجنوب مع اندفاع مساند ضد الحي اليهودي في القدس القديمة. من الشمال ارسل غلوب الكتيبة الثالثة مشاة مدعمة بسيارات مدرعة و مدفعية ميدان الى منطقة الشيخ جراح شمال شرق القدس.
2- في الوسط هاجمت عدة سرايا اردنية مع متطوعين فلسطينيين الحي اليهودي مع اوامر باقتحامه او حصاره.
3- في الجنوب حاولت القوات التي سيطرت على كفر عتصيوني - و التي اصبحت قوة بحجم كتيبة - حصار القدس من الجنوب عن طريق الهجوم على مستوطنة بنات راحيل على الطريق لبيت لحم.




صادف الهجوم الشمالي نجاحا مبدئيا و لكنه توقف بسبب المقاومة الشرسة من الطرف اليهودي. و كان للجانب اﻹسرائيلي 70 مقاتل من ميليشيا اﻷرغون بقيادة مناحيم بيغين في الشيخ جراح. و هذه القوة الصغيرة تم التغلب عليها بسهولة من قبل الفيلق العربي و بالتالي تم محاصرة الحامية اليهودية في جبل سكوبس. قرر اﻷردنيون بعدها الدفع غربا من بوابة مندلباوم لمحاصرة القدس القديمة و فصلها عن المناطق اليهودية. و رغم الميزة الكبيرة للفيلق العربي في القوة النارية - حيث امتلك المدافعون فقط مدفعين رشاشين متوسطي الحجم و سلاحين مضادين للدبابات -  فلم يستطيعوا اختراق الدفاعات اليهودية. و بعد هذا التوقف في الشمال، غير اﻷردنيون تركيز الهجوم ليصبح نحو المدينة القديمة. قام اﻷردنيون باستخدام اﻷسلحة المشتركة بشكل ممتاز و ذلك بتحريك الدروع مع المشاة مع نيران مساندة من مدفعية الميدان و حتى المدفعية عندما تكون الظروف مواتية. و رغم ذلك فقد كان التقدم صعبا جدا امام عدو قليل السلاح لكنه واسع الحيلة. و في النهاية تركز القتال حول موقع اسرائيلي عند دير الروتردام شمال شرق المدينة القديمة. و رغم ان عدد المدافعين اليهود عنها كان لا يزيد عن حفنة مع مدفع Piat مضاد للدبابات و عدد قليل من القذائف، لم يستطع اﻷردنيون اخذ الموقع. و خسر اﻷردن عدة سيارات مدرعة بسبب المدفع المضاد للدبابات و زجاجات المولوتوف، و خسرت الكتيبة 50% من قوتها. و في نهاية 24 مايو اوقف غلوب الهجوم خوفا من المزيد من الخسائر. و توقف العمل العسكري اﻷردني على المحور الشمالي للمدينة حتى الهدنة اﻷولى يوم 10 يونيو.
الهجوم اﻷردني على القدس في مايو 1948


الهجوم الجنوبي ضد رامات راحيل تم بالتعاون مع الجيش المصري و كان اقل نجاحا من الهجوم الشمالي. حيث كانت القوات المصرية قد تقدمت من صحراء النقب الى بئر السبع و من ثم نحو القدس حيث اتصلت بالفيلق العربي جنوب المدينة. في يوم 21 مايو قامت قوات الجيشين بهجوم مشترك على الحامية اﻹسرائيلية الصغيرة التي تدافع عن القرية و تم دفع المدافعين بالقوة العددية. و لكن في نهاية اليوم قامت سرية من لواء الهاجاناه بتعزيز الدفاع اﻹسرائيلي و تم استعادة القرية بهجوم مضاد. و خلال اﻷيام الثلاث هاجم العرب المستوطنة المرة تلو المرة و لكن كان يتم خسارة المستوطنة لليهود في الليل. و يوم 24 مايو اتت تعزيزات اردنية لرامات راحيل لبدء هجوم كبير. و في اثناء المعركة نجح اﻷردنيون و المصريون في اقتحام المستوطنة و لكن اﻹسرائيليين اتوا بتعزيزات و استعادوها في اليوم التالي. و قد نجح الهجوم اﻹسرائيلي في اﻹستيلاء على دير قريب كان مطلا على المنطقة و كان يستخدم كمنصة هجوم للعرب. و بعد خسارة هذا الموقع المهم اوقف الأردنيون و المصريون هجومهم و تحصنوا في مواقع دفاعية، منهيين جهودهم لحصار القدس من الجنوب.

فقط في المحور اﻷوسط، المواجه للمدينة القديمة من الغرب، تمكن الفيلق العربي من تحقيق اهدافه. كان الحي اليهودي محاطا بالمناطق العربية و كان مفصولا عن القسم اليهودي من القدس الجديدة و هي كانت ميزة للجانب اﻷردني. و على الجانب اﻷخر كان يتمتع بكونه مبني على الطراز القديم الذي تتشابك فيه البيوت و تتعرج فيه الشوارع الضيقة اﻷمر الذي جعل الدفاع عنه اكثر سهولة. و في اثناء الوجود البريطاني، تمكن اﻹسرائيليون من تهريب كمية صغيرة من السلاح و بعض جنود الهاجاناه و اﻷرجون للمدينة القديمة بحيث تتمكن من الصمود في وجه هجمات و الحصار المتوقع عند خروج البريطانيين. هاجم الفيلق العربي المدينة القديمة من كل الجوانب يوم 16 مايو و ببطء تمكن من التغلب على المدافعين و اجبارهم على التراجع. حوال اﻹسرائيليون ارسال تعزيزات ليلة 17-18 مايو. و هذا المجهود تم بصورة خاطئة ليتجول لهجوم تعرضي مباشر على مواقع الفيلق العربي. أثبت اﻷردنيون انهم يمتلكون مهارات فردية ممتازة باستخدام السلاح و الحقوا خسائر ثقيلة باﻹسرائيليين. و رغم ذلك، فأن هذا الهجوم شتت انتباه القوات اﻷردنية بحيث تمكنت قوة اخرى مفاجأة القوات العربية على جبل صهيون و التغلب عليها و اقتحام بوابة صهيون نحو الحي اليهودي. و رغم تفاجئ القوات اﻷردنية بالعملية، فقد استعادوا رباطة جأشهم بسرعة و هاجموا القوة اليهودية التي تحمي بوابة صهيون. و بعد قتال قصير و شديد تمكن اﻷردنيون من هزيمة القوة المدافعة و اغلاق البوابة من جديد و اعادة حصار الحي اليهودي. و خلال العشرة ايام القادمة، حاول اﻹسرائيليون فتح هذا الطريق بدون اي نجاح. حيث استعملت القوات اﻷردنية تكتيكا فعالا بالسماح للاسرائيليين باﻹختراق حتى يصلوا البوابة و من ثم حصرهم في جيب ناري. و في تلك اﻷثناء، و في البلدة القديمة، قامت القوات اﻷردنية بعمل فعال في تطهير الحي من القوات اليهودية. و استخدم الأردنيون بشكل ممتاز السيارات المدرعة بالتعاون مع اﻷسلحة الفردية و مدافع الميدان. و تم التقدم على عدة مراحل داخل الحي اليهودي و بعد صد عدة محاولات اغاثة من اﻹسرائيليين استسلمت الحامية يوم 28 مايو.

معركة اللطرون اﻷولى

بموازاة الجهود اﻷردنية للسيطرة على كامل القدس، حاول غلوب ان يحاصر المدينة بقطع الممر الضيق الذي يصل المدن اليهودية على الساحل بالقدس. هذه الطرق المتعرجة حول التلال كانت مركز قتال مستمر اثناء اﻹنتداب البريطاني، و لكن في نهاية شهر مايو حاول الفيلق العربي ان يقطع هذا الطريق كليا. امر غلوب الكتيبة الثانية مشاة - و التي كانت موجودة شمال غرب القدس - ان تتقدم جنوبا و انت تأخذ مواقع دفاعية في تل الرادار، حيث تستطيع اعتراض طريق القدس تل ابيب. و على الغرب من هذا التل، استغل قائد الكتيبة الرابعة مشاة - المقدم حابس المجالي - الفرصة لقطع طريق القدس تل ابيب عند قلعة اللطرون الحصينة. حيث كان اﻹسرائيليون قد طردوا حامية القلعة العربية اول الحرب و لكنهم اضظروا لسحب قواتهم منها لمواجهة الهجوم اﻷردني المصري عند رامات راحيل. و على مسؤوليته، تقدم المجالي و اخذ الموقع يوم 20 مايو، و بالتالي قطع الطريق الى القدس من مكان يصعب تلافيه عند الرغبة في الذهاب للمدينة.


حابس المجالي (1960)

احتلال الفيلق العربي للطرون وضع السيطرة اﻹسرائيلية على القدس في خطر حقيقي. و قررت تل أبيب عمل هجوم معاكس بشكل فوري لاستعادة الموقع. و كان الهجوم مقررا ان يتم بواسطة اللواء السابع حديث التشكيل. كان للواء 3 كتائب: الكتيبة 79 كانت اول كتيبة مشاة ميكانيكية، و كان سلاحها الرئيسي هو سيارات M-3 تم ملئها بضباط تم تجميعهم على عجل من الوية اخرى. و كانت الكتيبتان اﻷخريان: 71 و 72 مشكلتان حديثان من مهاجرين اوروبيين بالكاد وصلوا البلاد. و كان جنود تلك الكتائب يتكلمون 8 لغات مختلفة و باكاد كان يفهم عليهم الضباط الذين ولدوا في اسرائيل. على العموم، كانت القيادة اﻹسرائيلية في عجلة لاستعادة اللطرون لدرجة ان اللواء لم يحصل على اكثر من اسبوع  للتمرين قبل ارساله للمعركة. و جدير بالذكر ان الخطة اﻹسرائيلية لم تعتمد فقط على اللواء 7. بل كان المجهود الرئيسي يقع على الكتيبة 32 المخضرمة من اللواء اﻹسكندروني للهجوم على الجهة الغربية للطرون بينما يقوم اللواء 7 بهجوم معزز من الجهة الشرقية.


الهجوم اﻷسرائيلي (اﻷزرق الغامق) على اللطرون يوم 25 مايو و الدفاع اﻷردني (البني) و اﻹنسحاب اﻹسرائيلي (ازرق فاتح)


كانت قلعة اللطرون ، التي بنيت على مرتفع صخري يطل على الطريق من هضاب السامرة المحيطة بها، موقعا حصينا. وضع المجالي كتيبته داخل القلعة و ركز قواته للجهة الغربية حيث كان انحدار المرتفع اقل قليلا. و بهذا الترتيب كان في موقع مناسب لصد الهجوم اﻹسرائيلي الرئيسي ضد اﻷجناب. الهجوم اﻹسرائيلي نفسه كان سيئا. حيث بدأ في منتصف ليلة 24-25 مايو بقصف قصير من عدة مدافع قديمة من عيار 65 ملم. و ما لبث بعدها الهجوم ان وقع في مشاكل، حيث كانت بعض الوحدات متأخرة 4-6 ساعات عن مواعيد الوصول مما اخر الهجوم بشكل كبير. و بالتالي لم يقم القصف التمهيدي بغير تنبيه اﻷردنيين و لم يتم هجوم الكتيبة اﻹسرائيلية قبل طلوع الشمس. أما الكتائب المكونة من المهاجرين فقد تعثر تقدمها وسط العتمة قبل ان تثبتهم النيران اﻷردنية عندما طلعت الشمس. هذا الهجوم الضعيف من اللواء السابع امكن المجالي من تركيز قواته على هجوم كتيبة  اﻹسكندروني القادم من اليمين. كان اﻷردنيون محميون داخل القلعة و محصنين داخل التل. و كانت نيرانهم مركزة للغاية و دقيقة للغاية ضد هجوم اسرائيلي مكشوف و ضعيف مما حول المعركة لمذبحة. و حطم اﻷردنيون الهجوم بحلول الظهر و خسر اﻹسرائيليون حوالي 2000 قتيل (اتصور هناك خطأ في هذا الرقم - 200 بين قتيل و جريح هو الانسب).



قلعة اللطرون في العصر الحديث

في مايو 30 حاول اﻹسرائيليون شن هجوم ثان. و لكن كان سوء التخطيط اللذي لازم الهجوم اﻷول حاضرا مرة اخرى. تم هذا الهجوم بكتيبتين: المشاة المدرعة من اللواء السابع و كتيبة من لواء جيفاتي التي تم احلاها بدل اللواء اﻹسكندروني الذي تم ضربه بقوة في الهجوم السابق. هذه المرة هاجمت كتيبة جيفاتي من الجنوب، و رغم نجاح الكتيبة في اﻹستيلاء على قرية دير ايوب اسفل اللطرون، فإن النيران اﻷردنية تمكنت من بعثرة التقدم و تم صد الهجوم. و مرة اخرى، ادى تقهقر الهجوم الثانوي المساعد للسماح للمجالي بتركيز قواته على الهجوم اﻷساسي، اي الهجوم الدي تقوم به الكتيبة 79 المدرعة. هاجم اﻹسرائيليون بشجاعة المواقع الدفاعية اﻷردنية، و لكن اﻷردنيون صمدوا في مواقعهم و كانت كمية النيران و دقة التصويب قاتلة. و بالتحديد، وجد المجالي انه بتعزيز قواته على قمة القلعة، يمكن للجنود اﻷردنيين المعروفين بدقة التصويب تركيز نيرانهم على السيارات المدرعة و سيارات نصف النقل اﻷسرائيلية التي لم تملك اي حماية من اﻷعلى. و مرة اخرى، هزم اﻷردنيون اﻹسرائيليين و بخسائر كبيرة للطرف المهاجم.


الهجوم اﻹسرائيلي الثاني (السهم اﻷزرق الغامق) على اللطرون اوخر مايو على المواقع اﻷردنية (مخطط بني) و اﻹنسحاب اﻹسرائيلي (السهم اﻷزرق الفاتح)

الهزيمتان عند اللطرون كانتا حاسمتان لدرجة ان اسرائيل قررت ان تبني ممر حول اللطرون للسماح لحركة السيارات بين تل ابيب و القدس دون الحاجة لاستخدام الطريق الرئيس. و لكن القيادة اﻹسرائيلية بقيت مصممة على استعادة الموقع و خططت لهجوم جديد. في ليلة 8-9 يونيو، قامت كتائب مخضرمة من لوائي حاريل و يفتاخ بالتخطيط للهجوم من جانبي المرتفع، و لكن هذه المرة من الجهة الشمال شرقية. و لم يكن اﻹسرائيليون يعلمون ان غلوب قد عزز مواقعه في اللطرون بإضافة الكتيبة الثانية مشاة و مدفعية. و بقيت الكتيبة الرابعة لحماية القلعة و اﻷجناب و قامت الكتيبة الثانية بالدفاع عن الكوة المودية للقلعة. و بالتالي، ما تصور اﻷسرائيليون ان يكون تطويقا من الجانبين للكتيبة الرابعة، و حصارها من أﻷجناب و قطعها عن مرتفعات السامرة، تحول لتعرضين مباشرين للكتيبة الثانية في مواقعها الدفاعية.   و كما حصل سابقا، ركز اﻷردنيون نيرانا ثقيلة على محوري الهجوم اﻹسرائيلي. و هاجمت الوحدات اﻹسرائيلية بمجهود كبير و تصميم و تمكنوا من اختراق المواقع اﻷردنية من الجهتين. و لكن تم هذا اﻹختراق بخسائر كبيرة بسبب دقة النيران اﻷردنية و تم صدهم بهجوم مرتد اردني عنيف و دقيق التوقيت. حاول اﻹسرائيليون مرة اخرى في الليل، لكن احدى الكتيبتين ضاعت في الظلمة بينما تلقت الكتيبة الاخرى خسائر كبيرة قبل ان تحقق تماسا مع القوات اﻷردنية.

هجوم الأيام العشرة اﻹسرائيلي و معركة اللطرون الثانية

في 11 يونيو وضع وقف اطلاق النار حدا لمعركة اللطرون. خلال الهدنة، قامت الجيوش المتحاربية بإعادة تنظيم صفوفها تمهيدا لاستئناف القتال. جهز اﻹسرائيليون و دربوا تشكيلات جديدة، بينما عززت معظم الجيوش العربية تواجدها في فلسطين. تلقى الفيلق العربي اﻷردني ضربة قوية عندما امرت لندن كل ضباطها في الجيش اﻷردني بالعودة للوطن بسبب خرق عبدالله قرار التقسيم بالهجوم على الحي اليهودي في القدس و على الممر اليهودي الذي يوصل للمدينة. و على رغم بقاء الضباط اصحاب العقود مع الجيش ( و من ضمنهم غلوب) فقد حرمت الخطوة البريطانية الجيش من قادة كلا اللوائين، و من قادة 3 كتائب من اصل 4. و تم ترفيع ضباط اخرين لشغل هذه المناصب (اغلبهم بريطانيون) لكن استغرق اﻷمر وقتا حتى تم ترتيب نظام القيادة و السيطرة.

على اي حال، اعطت المهلة القوات الأردنية فرصة للاستراحة و اعادة التنظيم و لتحسين دفاعاتهم. تم دمج السرايا المستقلة في كتيبتين جديدتين: الخامسة و السادسة. و قام الأردنيون بتحصين مواقعهم حول اللطرون. و تم كذلك اعادة صيانة المركبات المدرعة التابعة للجيش اﻷردني. و اﻷهم، ان الملك عبد الله تمكن من احضار ذخائر كان يحتاجها غلوب بشدة. و فيما يخص اﻹستراتيجية، استنتج غلوب ان قواته تغطي مساحات اكبر من قدراتها، و تم تقرير حصر العمليات الهجومية بما يحسن فقط من الموقف الدفاعي العام. و تم تحسين الموقف الدفاعي العام بوصول القوات العراقية شمال الضفة. اﻷمر الذي مكن غلوب من سحب قواته الباقية في نابلس و تعزيز دفاعاته في اللطرون، حيث توقع الهجوم اﻷسرائيلي القادم. و في المحصلة - في نهاية الهدنة - اصبح للأردن 3 كتائب مدعومة بالمدرعات و المدفعية و مدفعية الميدان حول اللطرون.

بعد انتهاء مهلة وقف اطلاق النار يوم 9 يوليو، قام اﻹسرائيليون بشن هجوم رئيسي ضد القوات اﻷردنية المدافعة عن القدس و عن الممر المؤدي للمدينة. في داخل المدينة، هاجم اﻹسرائيليون جنوبا نحو المدينة القديمة لتأمين الجانب اﻷيمن من قواتهم و شمال شرق ﻹعادة السيطرة على الشيخ جراح و اعادة اﻹتصال بالحامية في جبل سكوبس. كان الهجوم الجنوبي هو اﻷكثر نجاحا للجانب اﻹسرائيلي و اخرج الحامية العربية الصغيرة من جبل هرزل اﻷمر الذي عزز موقف الجناح اﻷيمن اللقوات العبرية. أما في الوسط فكان الهجوم نحو المدينة القديمة سيئا و تم ايقافة بسرعة بعد حصول خسائر  كبيرة. و في الشيخ جراح، لم يكتف اﻷردنيون بإيقاف الهجوم اﻹسرائيلي، بل شنوا هجوما مضادا نجح في اخذ عدة مناطق صغيرة كانت خاضعة للسيطرة اﻹسرائيلية.

أشد القتال جرى مرة اخرى عن منطقة اللطرون. حيث بقي اﻹسرائيليون مصممين على اعادة فتح طريق تل أبيب - القدس. الخطة كانت بتنفيذ عملية على مستوى فرقة لتقليل المناطق الواقعة تحت سيطرة اﻷردنيين حول اللد و الرملة شمال اللطرون (حوالي 10 كم من وسط مدينة تل ابيب). هذا سيؤدي لتخفيف المخاطر على تل ابيب و سوف يسمح للهاجاناه للهجوم على اللطرون من الشمال. تعمد غلوب تخفيف الدفاع عن اللد و الرملة للسماح لتركيز اكبر للقوات حول اللطرون. حيث كانت تلك البلدتان بعيدتان في المقدمة و مكشوفة ﻷي عملية تطويق اسرائيلية و لم يكن بالمقدور الدفاع عنها بدون استخدام قوات كبيرة. اضافة لذلك، لم تكن التضاريس الصعبة تسمح للاسرائيليين بتطوير اي نجاح في اللد و الرملة لهجوم على شمال الضفة بدون اﻹستيلاء على موقع اللطرون. و بالتالي بقي اللطرون هو مفتاح الدفاع اﻷردني حيث ركز غلوب على قواته، و ترك اللد و الرملة لقوات من المتطوعين بقيادة القاوقجي مدعومة بقوة بسيطة من الجيش اﻷردني.

في ليلة 9-10 يوليو بدأ الهجوم اﻹسرائيلي على اللد و الرملة. و قد ضم الهجوم 3 الوية (تضم اللواء المدرع الثامن الجديد، الذي ضم 13 دبابة امريكية و بريطانية و فرنسية من موديلات الحرب العالمية الثانية). كان الهجوم اﻹسرائيلي مخططا بدقة و شمل عملية تطويق من الجانبين، و نتج عنه دفع العرب لمرتفعات السامرة. قام المتطوعين العرب ببعض المقاومة، و كانت المرة الوحيدة التي توقفت فيها القوات المهاجمة هي عند صدت القوات اﻷردنية اللواء الثامن عند دير طريف قبل ان ينجح اﻹسرائيليون في هجومهم. و بحلول يوم 12 يوليو، تمكن اﻹسرائيليون من اﻹستيلاء على اللد و الرملة التي كانت تهدد خاصرة اسرائيل، و اصبح لهم اﻷن موقع متقدم يسمح لهم بتهديد المواقع اﻷردنية في اللطرون من الشمال. امر غلوب قواته في اللطرون باﻹستعداد  لهجوم اسرائيلي  بدى وشيكا.

شن اﻹسرائيليون هجومهم ليلة 14-15 يوليو. حيث ارسلوا كتيبة من لواء حاريل لعمل هجوم تمويهي ضد المواقع اﻷردنية على تل الرادار. و في تلك اﻷثناء يقوم باقي اللواء بالهجوم على اللطرون من الجنوب. و يقوم لواء يفتاخ بالهجوم من الشمال الغربي. لم يكن اﻹسرائيليون على علم بحجم التعزيزات التي ارسلها غلوب للقوات اﻷردنية حول اللطرون. و لم يعلموا انه امر بتوسيع رقعة انتشار القوات شمالا و شرقا لحماية اجناب قواته. و مرة اخرى، هاجم اﻹسرائيليون و هم يعتقدون انهم يملكون افضلية عددية كبيرة ضد اجناب اردنية غير محمية جيدا، بينما الواقع انهم يهاجمون قوات متحصنة امامهم مباشرة. و مرة اخرى كان ميزان القوى شبه متعادل (3 كتائب اردنية متحصنة مع مدفعية و سيارات مدرعة امام 5 كتائب اسرائيلية مع عدد قليل من المدافع و السيارات المدرعة). كان اﻷردنيون متحصنين في مواقع قوية و كان الهجوم اﻹسرائيلي اقرب للتعرض المباشر من كونه عملية تطويق.

و طوال ثلاثة ايام، جرت معارك شرسة حول اللطرون. فقد تفاجأ اﻹسرائيليون باﻹردنيين في مواقعهم الجديدة شمال و شرق اللطرون . و بالتحديد، شن اﻷردنيون هجوما مضادا بالسيارات المدرعة و ببضعة مدافع مضادة للدبابات. و في عدة مواقع تفاجأ اﻷردنوين بالتقدم اﻹسرائيلي في الليل و بالهجوم المفاجئ الذي تبع ذلك. ورغم المفاجأ، استعاد اﻷردنيون رباط جأشهم و قاموا بهجوم مرتد عنيف "لم يسبق له مثيل" حسب وصف المقدم ناتانيل لورش Nathanel Lorch. و كانت المعارك شديدة تأرجح التقدم فيها بين كلا الطرفين. و في وقت معين، اجبر اﻹسرائيليون اﻷردنيين على التراجع عن قرية مهمة عن طريق محاولة تطويق القرية. و شن اﻷردنيون بعدها هجوما مرتدا باستخدام المدرعات و المدفعية الميدانية ادت ﻹخراج اﻹسرائيليين من قرية اخرى مهمة. و في نهاية يوم 17 يوليو، نجحت المقاومة اﻷردنية العنيدة في ايقاف الهجوم التطويقي اﻹسرائيلي المزدوج، و قد كان بين فكي الكماشة اﻹسرائيلية حوالي 3 كم فقط قبل اتمام الحصار على اللطرون.

في 18 يوليو قام اﻹسرائيليون بمحاولتهم اﻷخيرة. هذه المرة كان الهجوم بالتعرض المباشر ضد قلعة اللطرون نفسها على امل ان الهجمات السابقة قد اضعفت حامية القلعة بحيث تسقط بهجوم اخر. سحب اﻹسرائيليون سرية من لواء يفتاخ المرهق. و مشاة ميكانيك و دبابات من اللواء الثامن المدرع. كان اﻷردنيون مرهقين ايضا، و على ما يبدو قد سحبوا معظم قواتهم خارج القلعة لصد الهجوم على اجنابها. و على الرغم من ما سبق، صبّت المدفعية اﻷردنية نارا مكثفة على الدروع اﻹسرائيلية اثناء تقدمها نحو المواقع اﻷردنية. و قد حقق اﻹسرائيليون تقدما جيدا بداية اﻷمر حتى ادى خلل في اﻹتصال في ايقاف الهجوم و البدء باﻹنسحاب. و ادى انسحاب الدروع لسحب المشاة اﻹسرائيليين ايضا خوفا من النيران اﻷردنية. و قبل ان يستدرك اﻹسرائيليون هجومهم دخلت الهدنة الثانية حيز التنفيذ، و كان اﻹسرائيليون وصلوا الى ماقبل الطريق الذي يربط قلعة اللطرون بباقي الضفة، و لولا وقف اطلاق النار، لكن باستطاعة اﻹسرائيليين قطع كل امداد عن القلعة حتى تستسلم.


النطاق الدفاعي اﻷردني (مخطط بني) و النطاق الهجومي اﻹسرائيلي (مخطط ازرق) حول اللطرون نهاية الهجوم اﻹسرائيلي يوم 19 يوليو 1949

عند انتهاء الهدنة الثانية نهاية اغسطس، لم تملك عمان او تل ابيب اي رغبة لاستئناف القتال ضد الطرف الثاني. فقد ادرك غلوب ان الموقف العسكري قد اصبح اقرب للتعادل دون ان يكون اي طرف قادر على اختراق خطوط الطرف الاخر، و ان اي محاولة لتحريك خط الجبهة ستكون مكلفة جدا. اضافة لذلك، فإن القتال الشرس في اللطرون قد استنزف المخزون اﻷردني من القذائف و القذائف مضادة الدروع و القنابل اليدوية. و من ناحية الملك عبد الله، و رغم خيبته من عدم امكان تامين كل القدس، كان عنده امور اخرى ليهتم بها. تحديدا، اراد الملك ان يؤمن باقي مناطقي الضفة الغربية تحت السيطرة اﻷردنية. حيث كان هناك وجود عسكري عراقي في شمال الضفة و كان للمصريين وجود قوي في اريحا. اراد الملك عبد الله ان يركز جهوده لضمان سيطرته على هذه المناطق بدل تبذير القوات و السلاح في معارك لا فائدة منها امام اﻹسرائيليين. و نتيجة لتوافق المصالح، خف القتال بشكل تدريجي على جبهة اﻷردن - اسرائيل. حث القادة الميدانيون جنودهم من كلا الطرفين على القنص و التحرش بالنيران لكن لم يتم عمل اي عمليات كبيرة. و في نوفمبر قال الملك عبد الله ببدء مفاوضات فردية مع الجانب اﻹسرائيلي و تم اﻹتفاق على وقف اطلاق النار في اﻷول من ديسمبر. 


الموقف العسكري بعد انتهاء الهدنة الثانية اكتوبر 1948



الفعالية العسكرية للجيش اﻷردني في حرب عام 1948

كانت عمليات القوات اﻷردنية ضد الجيش اﻹسرائيلي المبتدئ عام 1948، و بدون شك، افضل اداء ﻷي جيش عربي ضد عدو له في العصر الحديث:
1- وحده من ضمن الجيوش العربية، تصرف اﻷردنيون و حاربوا كجيش حديث، محترف.
2- ابدت الوحدات الأردنية تماسكا متميزا، و تشبثت الوحدات في مواقعها تحت اشد الضغوط (مثل معركة اللطرون الثانية).
3- و قد اظهر الجنود مرارا و تكرارا مستوى عال من الشجاعة و هناك قصص لا تعد في هذا الصدد مصدرها الجانبين.
4- و قد اظهر اﻷردنيون فهما جيدا للعمليات المشتركة، و اعتادوا الدمج بين المشاة و الدروع و المدفعية بشكل افضل من اﻹسرائيليين.
5- كانت دقة التصويب للأردنيين عالية جدا، و هجومهم المضاد حسن التوقيت و عنيفا.
6- قامت الوحدات اﻷردنية بحراسة اجنابها بشكل جيد و لم تقع تحت شلل الصدمة عندما نجح اﻹسرائيليون في اختراق اجنابهم.
7- قامت القوات اﻷردنية بالدوريات بشكل مستمر و تحوطوا للمفاجآت اﻹسرائيلية و فجأوهم مرات عديدة.
8- اظهر الضباط اﻷردنيون الصغار مبادرة حقيقية، و استغلال للفرص (مثل احتلال قلعة اللطرون عندما تركها اﻹسرائيليون تحت حراسة خفيفة) اﻷمر الذي اثر في مجرى الحرب بشكل حاسم.
9- قام القادة الميدانيون بعمل هجمات معاكسة بتوقيت جيد و بشكل فعال مما كان عاملا حاسما في كثير من المعارك.
10- اخيرا اظهر القادة قدرات عالية في المناورة بالقوات لتحصيل اي ميزة في مسرح العمليات، رغم ان معظم الهجمات اﻷردنية كانت بالتعرض المباشر.   

و رغم كل هذا اﻷداء الجيد، فإنه يجب اخذ عاملين باﻹعتبار عند تقييم الجيش اﻷردني في هذه الحرب:
أولاً، رغم التقدير بأن الجيش اﻷردني حارب افضل من أي جيش عربي اخر خلال الحرب، و في احيان كثيرة حارب بنفس مستوى الجيش اﻹسرائيلي ان لم يكن أفضل، فإننا يجب ان لا نندفع باﻹشادة كثيراً. فاﻷردنيون لم يواجهوا خصما قديرا و كان هناك عدة عوامل تلعب في مصلحتهم اثناء الحرب. و لو تجاوزنا عن (اسطورة الجيش اﻹسرائيلي)، فإن اداء الهاجاناه كان سيئا عام 1948 بشكل عام و ان  كانت قدرات وحداتها متباينة. و كان تسليح اﻹسرائيليين و تدريبهم سيئا و الخصومة بينهم موجودة. و كان عندهم مشكلة في اللغات المختلفة للمقاتلين و ضعفهم في استخدام سلاحهم الضعيف اصلا. بعض وحدات الهاجاناه لم تهتم باﻹستطلاع و تفاجات من بعض تحركات اﻷردنيين بشكل كان يمكن تجنبه بسهولة. و تمكن اﻷردنيون من الدفاع عن مرتفعات الضفة الحصينة، بينما كان اﻹسرائيليون مضطرين للهجوم من الساحل للمرتفع. و أخيرا كان اﻹسرائيليون مضطرين لمواجهة 5 جيوش عربية مختلفة، اﻷمر الذي منعهم من تركيز قواتهم على اﻷردنيين.

و رغم كل ما ذكر من ميزات للأردنيين، فأنهم لم يحصلوا على أكثر من التعادل مع اﻹسرائيليين. و قد هزم اﻷردنيون مرارا و تكرارا الهجوم اﻹسرائيلي على مواقعهم الحصينة. و كان معظم النجاح اﻹسرائيلي الهجومي (في اللد و الرملة و القدس) هو ضد قوات اردنية صغيرة العدد، بينما صمدت القوات اﻷردنية الكبيرة في اللطرون و القدس القديمة ضد هجمات اسرائيلية عنيفة و متعددة. و في كل تلك الهجمات تقريبا، كان التقدم اﻷسرائيلي عبارة عن تعرض مباشر سيء التنفيذ اوقع المهاجمين تحت رحمة النيران اﻷردنية. النجاح اﻷردني الدفاعي لم يوازيه نجاح في الجانب الهجومي. فقط 3 قصص نجاح اردنية في الناحية الهجومية: مستوطنات عتصيوني، الحي القديم في القدس، و منطقة الشيخ جراح. و تمت هذه النجاحات الثلاث أول الحرب و قبل الهدنة اﻷولى و كلها كانت انجازات صغيرة لم يواجه فيها اﻷردنيون قوات كبيرة مدربة و مسلحة. فعلى سبيل المثال في الشيخ جراح: هزمت كتيبة اردنية معززة بالمدفعية و السيارات المدرعة 17 جندي مشاة من اﻷرغون. و حتى لو كان الموقع لمصلحة المدافعين الصهاينة، كان الفارق العددي كبيرا لمصلحة اﻷردنيين، و لا يمكن اخذ النصر كدليل على قوة الأردنيين الهجومية. و على العكس، عندما واجه اﻷردنيون قوات اكثر عددا و افضل تدريبا - مثل بوابة المندلباوم عند النوتردام في القدس - لم يؤدي الهجوم ﻷي نتيجة. 

عامل اخر يجب اﻹشارة اليه عند ذكر التميز اﻷردني في تلك الحرب: هو دور التدريب و القيادة البريطانية. يوجد اجماع بين الخبراء في الجيش اﻷردني و في حرب 1948 على ان الدور البريطاني كان اهم العوامل في الفعالية العسكرية اﻷردنية. على سبيل المثال يذكر العقيد اﻹدروس El-Edroos و دوباي Dupuy ان الفضل يعود في تميز الجيش اﻷردني الى سنوات من التدريب و اﻹشراف البريطاني. ويمكن اعادة النظر لكل ما تميز به المقاتل اﻷردني من مهارات قتالية الى سنوات الخدمة الطويلة و التدريب المتواصل، و اعتبار النجاحات للضباط الميدانيين في امور مثل التصرف الفردي عند الضرورة و اتقان المناورات و الهجوم المرتد امتدادا للإشراف البريطاني المستمر على الجيش منذ تأسيسه. 











Sunday, February 16, 2014

العرب في الحرب - الفعالية العسكرية للجيوش العربية بين عامي 1948 و 1991 - الجيش العربي اﻷردني - 4 - معركة الكرامة

بعد كارثة حزيران 1967 ادرك قادة الجيش اﻷردني ان عليهم اخذ العبر مما حصل و تصحيح مشاكلهم السابقة. احد اهم اﻹستنتاجات من تلك الحرب كان معاناة الجانب اﻷردني من (نزوع ثقافي تجاه خداع الذات). و لتصحيح المشكلة قامت القيادة العليا بتعديل نظم التدريب لتعزيز صدقية التقارير الميدانية قبل كل شيء. و ربما بسبب ادراكهم صعوبة الحصول على تقييم ذاتي موضوعي، احضرت عمان فريقا من الضباط الباكستانيين  لعمل تقرير ما بعد المعركة و لعمل توصيات لكيفية اصلاح الجيش العربي اﻷردني بشكل شامل. 

و بناءا على هذه المراجعة الخارجية، قام اﻷردن بعدد من التغييرات في القوات المسلحة:
1- تم تأسيس وحدات على مستوى الفرق.
2- تم ترشيق القيادات العليا و تم الغاء المناصب المتكررة.
3- تم تعزيز سلطات قيادة اﻷركان.
4- تم اضافة سرية رابعة لكل كتيبة و إضافة كتيبة رابعة لكل لواء لتعزيز قدرات الصمود التكتيكي.
5- تم تجديد المناهج التدريبية لتركز على المبادرة، اﻹستقلال في القرار، و العمليات المشتركة بين اﻷسلحة المختلفة.
6- تم وضع خطط لبناء سلاح جو اكبر و احدث يركز على الصد الجوي و على القصف اﻷرضي.

خط سير المعركة

لم يكن الأردنيون وحدهم من تعلم درسا من حرب 1967. بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة، استنتج الفلسطينيون ان عليهم الإعتماد على انفسهم اذا ارادوا استرجاع اراضيهم. بدأ الفدائيون بمهاجمة اسرائيل مرة اخرى بمعدل اعلى و بشدة اكبر مما قبل الحرب. و قد منع المصريون و السوريون - اللذان لا يزالان يشعرون بقدر الضربة العسكرية الإسرائيلية من الحرب السابقة من القيام بهجمات من حدودهم. و بسبب العدد الكبير من الفلسطينيين في اراضيه، لم يكن الأردن في موقف يسمح له بمنع عمليات الفدائيين من اراضيه و صار الأردن القاعدة الرئيسية للعمل الفدائي. و من جانبهم، اعاد الإسرائيليون العمل بسياسة الإنتقام ضد الفلسطينيين و ضد الأردن. و بدوره، قام الجيش الإردني بإعادة تنظيم نفسه لمنع اسرائيل من اختراق سيادة اراضيه.

كان الكثير من اﻷنشطة الفدائية ينطلق من قاعدة تم تأسيسها في منطقة الكرامة قريبا من جسر ألينبي على الحدود. و منذ 14 مارس 1968 بدأت المخابرات اﻷردنية تلتقط اشارات عن عمل عسكري اسرائيلي تجاه البلدة. بدأت و حدات الجيش اﻹسرائيلي تتجمع عند جسري الينبي و داميا و لاحظ اﻷردنيون وجود تجمعين لضباط اسرائيليين كبار في المنطقتين. و ردا على ذلك حرّكت عمان الفرقة اﻷولى مشاة و تم اتخاذ المواقع الدفاعية قريب الجسرين و حول المخيم الفلسطيني في بلدة الكرامة. بحلول يوم 20 مارس تعرفت المخابرات اﻷردنية على وجود القوات اﻹسرائيلية التالية:
1- اللواء السابع مشاة.
2- اللواء 60 مدرع.
3- اللواء 35 مظليات.
4- اللواء 80 مشاة.
5- كتيبة مهندسين.
6- خمس كتائب مدفعية.

كانت كل هذه الكتائب متمركزة بين جسري الينبي و داميا. و بسبب هذا العدد الكبير من القوات (حوالي نصف القوات التي دخلت الضفة) و الحالة السيئة للجيش اﻷردني بعد اقل من عام على حرب 1967. خشيت القيادة اﻷردنية ان يكون اﻹسرائيليون يعدون العدة لاحتلال عمان.

اتخذت الفرقة الأولى مشاة مواقعها على الجسرين، و حول البلدات الممتدة بينهم وعلى سفوح الضفة الشرقية لنهر اﻷردن. تم الحاق اللواء 60 المدرع (الذي تم اعادة تشكيله و لكن بقي ناقصا بسبب خسائر حرب 1967) بفرقة المشاة. و تم توزيع بعض وحدات اللواء مع المشاة لمنح قوة تدريع اكبر للمشاة. و اضاف الجيش معظم سياراته المدرعة، و اسلحته المضادة للدروع، و مدفعيته لقوات الفرقة لتعزيز قدراتها. و صار القوات المدافعة تمتلك 105 دبابات باتون و 88 قطعه مدفعية. توزعت المشاة عند مداخل جسر الينبي و جسر داميا و جسر الملك عبد الله جنوب جسر الينبي. و كل وحدة مشاة كان معها سرية دبابات. و معظم الدبابات الباقية و وحدات المدفعية تركزت بشكل مشرف على بلدة الكرامة.

كان اﻹسرائيليون يحضرون فعلا لعمل هجومي على الكرامة. لكن قواتهم و طوحاتهم لم تكن بخطورة التصورات اﻷردنية. فقد وضع اﻹسرائيلين:

1- تشكيل اقل من لواء دروع
2- لواء مشاة
3- كتيبة مهندسين
4- 5 كتائب مدفعية
5- كتيبة مظليين.

 تم تقسيم القوات اﻹسرائيلية ﻷربع قوات، كل واحدة تنفذ مهمة محددة:
1- اكبر القوات مهمتها عبور جسر الينبي و التقدم نحو الكرامة من الجنوب.
2- القوة الثانية تبعد القوات اﻷردنية على جسر داميا و تتقدم نحو الكرامة من الشمال. بهدف حصار الفدائيين.
3-انزال المظليين على بلدة الكرامة.
4- القوة الرابعة تعمل هجوما تمويهيا على جسر الملك عبد الله في الجنوب لهدفين: سحب بعض القوات اﻷردنية المدافعة عن الكرامة و حماية جناح الهجوم الرئيسي الداخل من جسر الينبي.




لليوم من الصعب التيقن بدقة من مدى اهداف الجيش اﻹسرائيلي من هذا الهجوم. كونهم ارادو تدمير المعسكري الفلسطيني في الكرامة و اسر و قتل الفدائيين امر مؤكد. لكن من الغير الواضح حتى اليوم هو المدى الذي ارادوا فيه مواجهة الجيش اﻷردني. من شبه المؤكد ان اﻹسرائيليين كانوا يعلمون بوجود الفرقة اﻷولى مشاة حول البلدة، مما يظهر انهم ارادوا قتال الجيش اﻷردني و تأديبه.

فجر 21 مارس، قامت القوات اﻷربعة اﻹسرائيلية بهجومها بنفس التوقيت بدون اي تحضير بقصف مدفعي او جوي. شمالا تم دفع الجيش اﻷردني و قام المهندسون اﻹسرائيليون ببناء جسر عائم. و لكن عندما عبر اﻹسرائيليون الجسر العائم و استداروا جنوبا لضرب الكرامة اصطدموا بكتيبة مشاة اردنية معززة بالدروع و المدفعية و اسلحة مضادة للدبابات. طلب اﻹسرائيليون الدعم الجوي لكن سلاح الجو اﻹسرائيلي لم يستطع ضرب المواقع اﻷردنية المحصنة بشكل مؤثر، و صمد اﻷردنيون في مواقعهم. و لم يناور اﻷردنيون خارج مواقعهم الدفاعية للحصول على اي ميزة تكتيكية خلال المعركة لكنهم نجحوا في ايقاف عدة هجمات بالتعرض المباشر من اﻹسرائيليين. أما اقصى جنوب ارض المعركة فقد فشلت القوات التمويهية حتى في العبور نحو الحدو اﻷردنية عبر جسر الملك عبدالله رغم المحاولات المتكررة و الدعم اﻹسرائيلي الجوي. و هناك كانت المواقع اﻷردنية معدة بشكل و مكان مناسب لتوجيه قوة نارية كبيرة على منطقة الجسر نفسها مما ادى لعجز اﻹسرائيليين عن التقدم من ذلك المحور.

اكثر المحاور نجاحا للجانب اﻹسرائيلي كان محور الهجوم الرئيسي صوب الكرامة. فقدت هبطت القوات المظلية (المسقطة عبر الحوامات) على البلدة اولا و بدأت تطهير المعسكر الفلسطيني. و قد تمكن الجهد اﻹسرائيلي الرئيسي من اختراق الدفاع الأردني حول جسر الينبي و اﻹنتشار. و قامت بقية القوات المظلية مع بعض الدروع انطلقت شمالا لمساندة قوات المظليين في الهجوم على المعسكر الفلسطيني. حارب الفلسطينيون بقوة و شارك معهم المشاة اﻷردنيون مع اسناد مدفعي من المرتفعات المحيطة . و رغم هذه المقاومة الشديدة، فلم يستطيعوا منع اﻹسرائيليين من تدمير معظم المعسكر و اجبار ياسر عرفات على المغادرة و اسر و قتل معظم المدافعين الفلسطينيين. و قامت وحدة صغيرة من الدروع و المظليين بعمل مواقع صد جنوبا لحماية الجناح اﻷيمن من الهجوم الرئيسي اﻹسرائيلي  من اي هجوم قد يقوم به لواء المشاة اﻷردني المقابل لجسر الملك عبدالله (بعد فشل الهجوم على جسر الملك عبدالله الذي كان مخصص لتلك المهمة). ارسل اﻷردنيون بعض الدروع من تلك الناحية لكن كلا الطرفين لم يدفع بقوة لاختراق خطوط الدفاع الخاصة بالطرف الثاني من هذه الناحية.

قامت قوة اسرائيلية اكبر من الدروع و المشاة بالتقدم شرقا لقطع طريق السلط-جسر الينبي. و كان التشكيل اﻷساسي للواء المدرع 60 متمركز على شكل احتياط على هذا الطريق، و اندلع  قتال بين الطرفين عندما رغبت القوات اﻷردنية بالمشاركة في المعركة الجارية في بلدة الكرامة. و في معركة شديدة، خسر اﻷردنيون 8 دبابات باتون دون اي خسائر من الطرف اﻹسرائيلي. و تراجعت القوات اﻷردنية نحو التلال، حيث تحصنوا هناك و استمروا في قصف القوات اﻹسرائيلية المتمركزة اسفلهم. و رد اﻹسرائيليون بقصف جوي على القوات المتحصنة في المرتفعات و لكنه كان قليل التأثير على دقة و حجم النيران اﻷردنية.

في نهاية اليوم، اكتفى الطرفان من القتال. و انسحب اﻹسرائيليون مع اسراهم الفلسطينيين و لم يقم اﻷردنيون بملاحقتهم. و قام الطرفان بإعلان انتصارهم في المعركة. حيث ادعى اﻹسرائيليون ان قواتهم حققت هدفها بتدمير مخيم الكرامة، بينما ادعى اﻷردنيون انهم احدثوا خسائر كبيرة بالجيش اﻹسرائيلي و منعهوم من الهجوم على العاصمة عمان. خسر اﻹسرائيليون 28 قتيل و 69 جريح إضافة ل 4 دبابات و 3 ناقلات و مدرعتان و طائرة اسقطتها المدافع اﻷردنية المضادة للجو. تم تعطيل 24 دبابة اسرائيلية و لكن تمكن اﻹسرائيليون من جرها غرب النهر و اصلاحها. خسر الفلسطينيون 100 قتيل و 100 جريح و حوالي 120-150 اسير. خسر اﻷردنيون 61 قتيل و 108 جريح و 13 دبابة مدمرة و 20 معطلة و 39 عربة مختلفة تم تدميرها او تعطيلها.

اداء الجيش اﻷردني في معركة الكرامة:
المستوى اﻹستراتيجي:
1- على الرغم من وجود قليل من الشك ان نوايا الجانب اﻹسرائيلي في التقدم نحو عمان، فإن اداء الجيش اﻷردني - على ما يبدو - قد فاجأ الجانب اﻹسرائيلي. و من المرجح ان اﻹسرائيليين لم يتوقعوا عدد القوات التي كانت امامهم و لا شدة مقاومتها . و رغم استطاعة اﻹسرائيليين تدمير معسكر الكرامة و قتل و اسر معظم من كان فيه، فأنهم لم يحدثوا مقدار الضرر الذي ارادوه بالجانب اﻷردني. و لو كان من اهدافهم تأديب الجيش اﻷردني في ذلك اليوم، فقد خاب املهم بالتأكيد.

2- القيادة اﻷردنية على المستوى اﻹستراتيجي كانت جيدة جدا، و ربما يعكس ذلك التغييرات التي اجرتها عمان في اعقاب حرب 1967. على المستوى اﻹستراتيجي، كانت اﻹستخبارات الحربية جيدة جدا برصد الحشد اﻹسرائيلي و توقع مكان الهجوم. و لو كان توقعهم بان عمان هي هدف الهجوم النهائي مبالغا فيه، فإنه احسن خطأ ممكن ان ترتكبه اي استخبارات عسكرية: فهو ما جعل الجيش اكثر من مستعد للمعركة بدل ان يكون مستوى اﻹستعداد و الحشد اقل من اللازم. كانت القيادة العسكرية اﻹستراتيجية على مستوى الحدث بتحريك فرقة المشاة نحو الكرامة و تعزيزها بالدروع و المدفعية و مضادات الدبابات.

3- مستوى التحصينات اﻷردنية و ترتيبها حوال الكرامة كانت جيدة جدا. و اظهرت تحسنا عن تحصينات اﻷردن في الضفة الغربية عام 1967. و كانت القوات اﻷردنية موزعة بشكل يغلق كل محاور التقدم ، و تغطي نيرانها كل نقاط اﻹلتحام. و في غالب الوقت حرص المخطط اﻷردني على توفر ميزات الموقع، و التحصين، والقدرات النارية الكثيفة إضافة للمانع الجغرافي الممتاز كلما واجهوا اﻹسرائيليين.

على المستوى التكتيكي:  
لا يمكن عمل استنتاجات بشكل عام على اﻹصلاحات اﻷردنية على اﻷداء التكيتيكي اﻷردني في هذه المعركة، لكن ما اظهرت لك يكن مشجعا جدا:
1- كانت المدفعية دقيقة لكنها معظمها من جداول معدة سلفا و بالتالي من الصعب ايجاد اي تقدم مقارنة بحرب 1967 التي شملت رماية بنفس التكتيك.
2- كلما تواجهت الدروع من الجانبين - و هذه مواجهات كانت تقريبا متعادلة باﻷنواع و الأعداد - كانت النتيجة اما نصر اسرائيلي او تعادل على احسن حال، و هو ما كان يصب في مصلحة اﻹسرائيليين في منع الدروع اﻷردنية من اﻹقتراب من القوات المظلية الموجودة في الكرامة. في الهجوم الرئيسي للواء 60 المدرع القادم من السلط، تم صد اﻷردنيين بدون صعوبة من قبل اﻹسرائيليين. و الوحدات المدرعة كانت في غالبها سلبية، حيث لم تقم الدروع اﻷردنية بعمل هجوم مضاد حتى على المستوى المصغر على اي من القوات اﻹسرائيلية المهجامة باستثناء الهجوم الرئيسي. و بقيت معظم الدروع اﻷردنية في مخابئها و على المرتفعات تضرب من بعد بدل اﻹشتباك مع اﻹسرائيليين.